أميركا .. وحصاد الخيبات

السؤال الذي يطرح نفسه الآن بإلحاح وقبيل الانتخابات الأميركية التي يفوز بها ترامب أو يخسر هو: كيف ستكون السياسة الأميركية بعد إخفاقات السياسات السابقة، ومتى تبدأ عملية التغيير؟.

لقد فشلت ضغوط أميركا القصوى ضد إيران، وتعثّرت استراتيجية إطالة أمد الصراع في سورية، وفشلت خطة بومبيو في إخضاع لبنان ومحاصرة مقاومته.

وكل تلك الخيبات ارتدت سلباً على صورتها وهيبتها وأثرت على نزعتها الاستفرادية على العالم.

ففي لبنان انتهت صلاحية ورقة بومبيو والحصار الاقتصادي وإقصاء حزب الله، بل أعطى هذا الحصار نتائج عكسيّة ودفع لبنان إلى التفكير ببدائل أخرى في الشرق، وفي إقصاء حزب الله عن السلطة وجدت أميركا أنه أمر مستحيل ولا يمكن أن تشكل حكومة لا يشارك الحزب فيها، وهذا ما عبر عنه هيل، بأن أميركا مستعدة أو مضطرة للتعامل مع الحزب داخل أي حكومة، فلقد سبق لها هذا التعامل.

وفي موضوع العلاقات الأميركية ـ الإيرانية، ورغم كلّ ما يُقال عن محادثات، فإنّ المعلن يظهر بأنّ أميركا تسعى إلى تفاوض تحت الضغط، وهذا ما أعلنه بومبيو بأن أميركا ستعيد كل العقوبات في 20 سبتمبر بعد أن رفضت إيران الجلوس إلى طاولة تفاوض مع أميركا لا تطمئن فيها إلى صدقيتها وجديتها، وهذه المسائل كلها مفقودة اليوم مع ترامب الذي لم يعد يؤتمن له بعد أن ألغى اتفاقية الملف النووي وتنكّر لقرار مجلس الأمن، بل طالب المجلس بتمديد حظر الأسلحة التقليدية عن إيران. لكنه تلقى صفعة من الأكثرية.

 ورغم سعي ترامب لإعادة فرض العقوبات على إيران فإن هذه الورقة أحرقت ولن يكون لها أي أثر وفاعلية، ولم يعد التلويح بمواجهة عسكرية مجدياً، وليس أمامه إلا التفاوض دون شروط.

وفي ما خصّ الاحتلال الأميركي لأراض ٍ في الجزيرة السورية. فإنّ المستجدّات الخطيرة أفهمت أميركا أنّ أهدافها هناك لن تتحقق. وما حصل في الأسبوع الأخير يؤشر إلى أنّ هذه الورقة باتت تنذر بمخاطر كبرى وتشكل عبئاً على أصحابها من دون أن يكون هناك أيّ استعداد سوري للمساومة عليها.

وقد تعدى الاشتباك بين عناصر من الجيشين الأميركي المحتل والعربي السوري في دلالاته حجم القوى المشتبكة ونتائج الاشتباك، وكان رسالة واضحة بأنّ الجيش العربي السوري مستعدّ عندما تفرض الظروف أن يكون في مواجهة الاحتلال ليلاقي في ذلك المقاومة الشعبية السورية التي انطلقت في المنطقة والتي يخشاها الأميركي.

وهذا وحده يكفي لتسجيل خيبة وتراجع أميركا ما يفرض عليها أياً كان الرئيس أن يراجع السياسة الأميركية العدوانية الصلبة وكذلك سياسات العقوبات والحصار، كما حدث في لبنان عندما أراد محاصرة حزب الله، لكن النتيجة كانت حصار أدواته فقط، وكان الحزب الوحيد الذي لم يتأثر بها بحكم اعتماده على الشرق. ولقد تلقى ترامب المستميت إلى العودة للرئاسة نصائح من كبار مستشاريه المختصين في الشرق الأوسط أن التحول إلى التفاوض المجدي قد ينقذ ما تبقى من ماء وجهه، وأن العنتريات والأعمال العقيمة لم تعد تجدي نفعاً لأنه في الأساس لم يدرس توازنات القوى الفاعلة واعتمد على هواة في السياسة وفي جمعيات المجتمع المدني التي سرعان ما انكفأت ولم يعد بمقدورها تأدية مهماتها المأجورة بداية دون أجر كما حدث في الفترة الأخيرة، وليس مستبعداً أن نرى أن التحضير لتسويات كبيرة وصغيرة في المنطقة ستبدأ حتى قبل الانتخابات الأميركية.

وإن غداً لناظره قريب

د. عبد الحميد دشتي

 

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها