قفزة بسيطة أصبحت خارج سريرها مع أنها الخامسة والنصف صباحاً، إلا أن خيوط الليل تتدلل وتأبى الانسحاب أول ما طالعها في غرفة نومها الحديثة ذات الألوان الخلابة صورتها…
تبدو فيها منفلتة من كل شيء، عقد الحياة وارتباكاتها وتناقضاتها…
كأنها ليست هي…!
ولكن هل هي حقاً…؟!
في هذا البورتريه الذي رسمه لها أحد الفنانين الأعزاء… ملاصقة لها تماماً لوحة مركب فارغ مرمى على شط بسيط، ينتظرحدوث شيئاً ما… شاطئ لطالما زارته وهو يعرف كل تفاصيل أحاسيسها…
ربما هي جاهزة لتقفز فوقه بسرعة متناهية، وتمضي عبر البحر، هذه المرة لن تتردد أو تتراجع حتى لو عرفت أنها قد تكون لقمة لسمكة قرش كبيرة… سيكون القدر..
كالعادة تعاني من إيقاف أفكارها، والقفز من فكرة إلى أخرى..!
عادت إلى البورتريه قد يكون فيه شيء منها، ملمح تتمناه، ولكن النظرات.. الابتسامة… عادت ثانية إلى إيقاف أفكارها، ألقت نظرة سعيدة، وسريعة على اللوحة، وغادرت…
“أكاد أصاب بالنرجسية… يجب أو أوقف هذا كله…” بالتأكيد… الوحدة.. تعلم التركيز على الذات…” ترددها وهي تغلي قهوتها على الموقد الكهربائي.. الحديث أيضا..!
هي لم تكن سعيدة يوماً، بما يحيط بها من ممتلكات كما تفعل اليوم، كأنها تحتفي بكل غرض…
الأغراض الحديثة وتجديدات المنزل، انتزعتها من ذكريات سنواتها العشر الماضية، تعمدت التخلص من الأشياء القديمة كلها، حتى لون الجداران، الأبواب… كل شيء بنكهات وألوان مختلفة، سرعان ما تآلفت معها..
وها هي تنطلق إلى الحديقة التي اشتاقت إليها.. تسكب قهوتها ببطئ شديد.. مرددة في سرها…
كل ما يبث فيها الطاقة الإيجابية.. لاستقبال الحياة بقلب وروح جديدة..
أخيراً.. الصبر يثمر عن راحة…
أي متعة عندما تتساوى بهجتنا الداخلية، مع بهجة نصنعها حولنا…
ونغرق بها حتى لو كان كل ماحولنا يئن.. فلنلتقط لحظتنا ونهرب بها بعيداً عن نكبات الزمن وغدره، دون أن ترافقنا أحاسيس الذنب..
فلنحيا هذه اللحظة فحسب… هنا سيكون لنا بورتريهات لا نهائية.. تصيغها لحظتنا الفريدة، ولن نندم يوماً على أي منها، كيف كان شكلنا… وزننا… لا يهم حتى تفاصيل وجوهنا..، المهم خبايا ذاتنا.. وأرواحنا في اللحظة التي صنعت تلك البورتريهات التي ستبقى أبداً… تخلد ذكرى مزجت فيها “اكسير” متعة لا ندري كيف أتقنا الانفلات إليها!
رؤية – سعاد زاهر