الملايين من أبناء الوطن على امتداد الجغرافيا الوطنية والاغتراب اعتصرت قلوبهم الغصة والألم والحسرة، وقسم لا بأس منهم أبكاه منظر الحرائق وهي تلتهم آلاف الهكتارات من الغابات وغيرها التي احتاجت الدولة إلى عشرات السنين وصرفت مليارات الليرات كي تصل إلى هذه المرحلة من النمو والمكانة الطبيعية والبيئية وبرمشة عين أضحت رماداً وجرداً..!!
منذ عشرات السنين وعند كل فاجعة حرائق يتعرض لها الواقع الحراجي والبيئي نسمع ذات المسوغات والمبررات في أسباب الحرائق ومعوقات القدرة على إخمادها بالسرعة المطلوبة وحتى الحد منها ما أمكن ونسمع الكلام نفسه..!!
فهل يعقل أن نردد منذ أكثر من عشرين أو ثلاثين عاماً وربما أكثر شعارات ومصطلحات وسمفونية أسباب الحرائق ونتائجها وتداعياتها وصعوبات السيطرة عليها، ونبقى نندب الحظ وكأننا نقف على الأطلال التي لم يبق منها شيئاً بعد فاجعة الحرائق التي تضرب كل عام محمياتنا الطبيعية وغاباتنا وحتى الأراضي الزراعية وأشجار الزيتون والكرمة وغيرها..؟!
هل من المعقول أن ينقضي عشرون عاماً دون أن نتمكن من وضع الخطط والبرامج ونجترح الآليات ونحصن مواقع طبيعتنا وغاباتنا..؟!
كيف يتمكن البعض من بناء القصور والفيلات في أعلى قمة من هذه الغابات وإشادة المقاصف واستصلاح عشرات الدونمات والهكتارات واستثمارها دون أن تمنعه وعورة الجغرافيا وقساوتها وعدم وجود الطرقات والمخارج وما شابه ذلك؟!
علينا أن نعترف بالتقصير والإهمال الذي تعاني منه ثروتنا الحراجية وغاباتنا التي ميزنا بها الخالق، في الحصول أو الوصول إلى الأسباب الموجبة والخطط والوسائل التي تحافظ عليها وتحميها وسرعة معالجة أي مخاطر تتعرض لها وأولها الحرائق، إضافة إلى ضعف الإمكانات التي يتم تسخيرها وتخصيصها لهذا الغرض من آليات وكوادر بشرية مؤهلة وعدة وعتاد، فيما يتم تخصيص آلاف الآليات وأسطول من النقل لمؤسسات ووزارات وأصحاب شأن المناصب من دون حاجة إلى ربع هذه المخصصات..!! كيف؟! ولماذا؟ ولمصلحة من؟
غاباتنا التي تربينا في ظلها وعشنا معها والثروة التي لا تقدر بثمن تحترق ويخبو اخضرارها وألقها كل عام تستغيث، فهل من مجيب..؟!.
حديث الناس – هزاع عساف