على جبهة الإطفاء كانت النيران المجنونة في حالة سباق مع الرياح لتلتهم الوجه الآخر الجميل لمعالم بلدنا الذي يخوض معركة الطبيعة التي تتعرض باستمرار وبشكل قبيح لافتعال حرائق الغابات والحقول والكروم والبساتين بعدما فعلت فعلها في محاصيل القمح والمواسم الأخرى من قبل المرتزقة والعصابات الإرهابية المسلحة.
إن انتظام موعد الحرائق بين منطقة وأخرى وخاصة في أرياف منطقة مصياف والريف الشمالي الغربي التابع لمحافظة حماة وحلب، امتدادا إلى جبال وأودية الساحل السوري، ماهو إلا مؤشر خطير جداً لفوضى الطمع والجشع حين يرتكب الإنسان اللامنتمي إلى بيئته وأرضه ووطنه عن قصد أو نتيجة الإهمال واللامبالاة أخطاء جسيمة بحق الغطاء النباتي والتنوع البيئي، ليقايضه بتجارة الحطب بعدما طغى مفعول المادة الرجعي بجوانب مؤذية ومخربة على العديد من من متطلبات العيش لجميع المخلوقات وليس الإنسان فقط، أو لينتقم بعض المأجورين من مقدرات وصمود الشعب السوري بأدوات أخرى من التخريب.
لقد كان منظر سحب الدخان الأسود والأبيض المتصاعد في الأفق وراء الجبال الممتدة لعشرات الكيلو مترات من المسافة، في غابات سهل الغاب وكروم بيرة الجرد على سبيل المثال لا الحصر يجعل النفس البشرية تحزن بألم على مصير ذاك الغطاء الأخضر ومايعنيه في علوم الحياة والطبيعة من استقرار وتوازن بيئي لجميع المخلوقات وليس الإنسان فقط.ناهيك عن خسارة الفلاحين والمزارعين لمحاصيلهم المؤقتة والدائمة من خضراوات وأشجار مثمرة.
إن منظر السواد القاتم الذي بات الصورة المألوفة لمعظم جبالنا ومناطقنا ومعالمنا السياحية لم يعد مقبولا، بتنا أحوج مانكون إلى حملة مجتمعية على الصعيد الرسمي والشعبي لاستنهاض حالة الوعي والحرص والغيرية المسؤولة بكل التفاصيل المطلوبة في هذا الزمن الصعب الذي استبيحت فيه معظم القيم والمحرمات.
ولعل الأهم في هذا الجانب أيضا أن يعاد النظر بكل مواد قانون العقوبات الرادعة وأن تطبق بحق المخالفين والعابثين بأمننا البيئي الذي ينعكس سلبا على السلامة العامة لجميع أبناء المجتمع في مختلف الميادين والصعد.
نحتاج إلى إجراءات لوجستية عملية من ناحية فتح الطرق الزراعية وبكثرة والتي كانت معروفة سابقا لتكون في خدمة الطوارئ وتساعد في اختصار الوقت حين وقوع الأذى.
أن تشكل مجموعات عمل تطوعية ضمن المناطق من القرى والبلدات المعروفة على مبدأ وظيفة “مأمور الحراج” كما كان يسمى سابقا لمراقبة ما أمكن أؤلئك الذين يتصيدون فعل الشر في أقانيم الطبيعة.
نحتاج إلى توسيع نافذة الإدراك لخطورة ما نحن فيه ومايحاك حولنا، كي نجيد خطط المواجهة بأقل الخسائر.. حفظ الله لنا هذا البلد وهو يخوض معركة الوجود بكل أبعادها.
عين المجتمع – غصون سليمان