في أحد الاجتماعات الحكومية مع ممثلي اتحاد نقابات العمال وبعد مناقشة قضايا تخص واقع الاقتصاد السوري طرح أحد أساتذة الاقتصاد بجامعة دمشق سؤالاً لأحد المسؤولين الحضور حول التوصيف الدقيق لهوية اقتصادنا أو تسميته بشكل واضح، إلا أن الرد كان مفاجئاً «كيف يمكن تسمية مولود لم يولد بعد»؟.
المشكلة الكبرى أنه وعلى مدى السنوات الماضية كثرت الاجتهادات حول شكل الاقتصاد السوري وتعددت الوصفات، لكن أياً منها لم تنجح على الإطلاق لأنها في معظم الأحيان كانت تقليداً لموضة اقتصادية دارجة أو استيراداً لنموذج لا يتناسب ومقومات الاقتصاد الراهن.
لذلك يمكننا القول وبكثير من الجزم أن تلك الوصفات كانت ارتجالية تطبقها حكومة وتتجاوزها أخرى.
والسؤال الذي يطرح دائماً: هل الاقتصاد المحلي إنتاجي أم ريعي ؟ وإذا كان إنتاجياً ما هي إنتاجيته وأي قيمة مضافة يحققها؟ وما هي القطاعات الإنتاجية المستقرة لتمنحه زخماً كبيراً من المنافسة في الأسواق المجاورة؟.
أولاً، دعونا نطرح هذه التساؤلات بشكلها الصحيح: لماذا طغت الاستثمارات الريعية على المشهد الاقتصادي ؟ ولماذا ابتعدنا عن الإنتاج باتجاه الخدمات المالية والعقارات؟.
ببساطة نحن لم نحقق في كل تلك السنوات تنمية متوازنة تحمي المنتج المحلي وتشجع على الإنتاج، فهل ستتجه الحكومة الجديدة نحو ذلك من خلال وضع خطة عمل يكون البند الأول فيها التشجيع على الإنتاج أولاً وثانياً وثالثاً؟.
بصراحة ينقصنا الكثير لإنجاز هيكلة جديدة لاقتصادنا مع العلم أننا نمتلك الأفكار والأشخاص والموارد، كما نمتلك الإخلاص والإرادة والنزاهة، ولكن حسن النوايا لا يكفي، فالقصة لها تداعيات مستقبلية على الناس جميعاً، لذلك يجب التعامل مع الاقتصاد ككل وليس مجرد ملفات مستقلة.
لذلك حبذا لو تحدد الحكومة في بيانها الذي ستقدمه قريباً أمام مجلس الشعب شكل الهوية الاقتصادية المحلية التي يجب أن تكون ملامحها متماشية وطبيعة اقتصادنا لكي نستطيع زراعة الشجرة في بيئتها والابتعاد عن التنظير بمقارنة سليمة للاقتصاد القادم.
الكنز – ميساء العلي