الثورة أون لاين – عائدة عم علي:
على وقع التوتر المتفاقم في منطقة شرق المتوسط، الذي تؤججه استفزازات النظام التركي، تشتعل حرب التصريحات الكلامية بين “الإليزيه” والحكومة التركية، وسط دعوة فرنسية موجهة لأوروبا -المنقسمة بمواقفها السياسية – لتكون أكثر حزماً تجاه تركيا، حيث تصرُّ اليونان على ضرورة فرض عقوبات صارمة عليها بحال واصلت انتهاكاتها في المتوسط.
فرنسا الحالمة بنفوذ أكبر في المتوسط، تجد على ما يبدو في الأزمة المتفاقمة بين تركيا وأثينا فرصة لتثبيت حضورها في تلك المنطقة، وتحاول استخدام كل إمكانياتها للضغط على التكتل الأوروبي ليكون عوناً لها، ولا سيما أن هذا التكتل الذي هدد سابقاً بفرض عقوبات على تركيا، لا تزال بعض دوله مترددة، وتفضل مسألة الشروع في حوار مع أنقرة بدل فرض العقوبات، ولكن الحوار الذي تدعو إليه بعض تلك الدول لم يفضِ إلى أي نتيجة، وذهاب الوساطة الألمانية أدراج الرياح دليل على ذلك.
الرئيس الفرنسي إيماويل ماكرون يأخذ على عاتقه اليوم مهمة دفع الاتحاد الأوروبي ليكون أكثر صرامة مع النظام التركي، وهذا بدا واضحاً أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقده في جزيرة كورسيكا اليوم، وشدد خلاله على ضرورة أن تتخذ أوروبا موقفاً أكثر حزماً ووضوحاً ووحدة تجاه تركيا، مشيراً إلى أنه يجب على أنقرة توضيح نواياها في مناطق محددة.
وقال ماكرون إن قمة زعماء سبع دول أوروبية يستضيفها اليوم الخميس لمناقشة الوضع في شرق المتوسط ستركز على إيجاد موقف مشترك للاتحاد الأوروبي تجاه تركيا، ويجب اتخاذ موقف قوي إزاء رئيس النظام التركي رجب أردوغان، مضيفاً: “أوروبا ككل تحتاج إلى موقف أكثر وضوحاً ووحدة تجاه تركيا”، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن التكتل الأوروبي يرغب في تفادي أي تصعيد مع أنقرة.
وأكد أن “ممارسات غير مقبولة حصلت على السواحل الليبية” تجاه فرقاطة فرنسية كانت تعمل تحت قيادة حلف شمال الأطلسي. وأضاف أن “تركيا وقعت اتفاقات غير مقبولة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، منكرةً الحقوق الشرعية لليونان”، مشيراً أيضاً إلى أن “تركيا تقوم بعمليات تنقيب في المنطقة القبرصية تُعد غير مقبولة”، ورأى أن “تركيا لم تعد شريكةً في هذه المنطقة”.
وأوضح الرئيس الفرنسي أن بلاده وألمانيا تعملان الآن على تحرك منسق لإظهار التضامن مع اليونان حيث يقيم آلاف المهاجرين في العراء بعد الحريق المدمر في مخيم موريا في جزيرة ليسبوس.
ورداً على تصريحات ماكرون النارية، قالت وزارة خارجية النظام التركي في بيان اليوم الخميس، إن “مواقف الرئيس الفرنسي الفردية والقومية تشجع على التوتر وتلقي بمصالح الاتحاد الأوروبي إلى الهاوية”.
وأضافت أن “ماكرون يهاجم تركيا بحرقة بعدما أحبطت كافة مخططاته الخبيثة وأفسدت ألاعيبه في السياسة الخارجية”، على حد تعبيرها.
وكان النائب الأول لوزير الخارجية اليوناني ميلتياديس فارفيتسيوتييس، قد أعلن اليوم أنه يجب على الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على تركيا إذا ما أصرت على مواصلة سلوكها غير الشرعي في شرق المتوسط.
وقال فارفيتسيوتييس، في اجتماع للجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي: “ينبغي إنهاء التوترات فوراً. يجب على جميع السفن التركية المغادرة على الفور، وإذا أصرت تركيا على مواصلة مسارها الحالي، لن يظل أمامنا غير اتخاذ إجراءات ذكية وفعالة ضد تركيا، علينا إيصال رسالة واضحة من خلال العقوبات، بأن الاتحاد الأوروبي عازم في الحفاظ على الأمن في محيطة المباشر في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وأنه لا مكان للتصرفات الاستفزازية وغير الشرعية”.
وفي مقال رأي نُشر اليوم الخميس، قال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس: إنه “يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يفرض عقوبات “مجدية” على تركيا إذا لم تسحب قطعها البحرية من المناطق المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط”.