الثورة أون لاين – هفاف ميهوب:
يقول الفنان التشكيلي “أحمد جرعتلي” عن فنِّ رسم الصور ولا سيما البورتريه: “هو نوع من المتعة، فهو يمنح البشر صورة لخصائصهم الفريدة من خلال لمسة الفنان وتقنياته. إنه يجعل الفنان يغوص في تفاصيل العيون والأنف والفم والمكونات الأخرى الكثيرة، علاوة على ذلك، فإن اختلاط ألوان الوجه يحتاج إلى مستوى أعلى من الإبداع والتحليل والصبر، لأنه لا يوجد قواعد ثابتة يمكن اتباعها”.
هو ليس رأي فنان تشكيلي فقط، وإنما أيضاً، خطاط ومبدع قدم نموذجاً فنياً جديداً أضاف الكثير لما أغنى الفن في وطنه السوري، بل وفي الوطن العربي..
إنها التجربة التي اعتمد فيها “تقنية الرسم ثلاثي الأبعاد” وعلى الجدران والأرضيات وأسطح المنازل التي جعلها تنبض بالحيوية والمعنى والحياة.. التجربة التي احتاجت منه، إلى خيالٍ مبدع ودقيق في استدعاء ما يريد قوله في الموضوع الذي يقدمه. مثلاً، وفي عمله الذي رسم فيه على أرض منصة تابعة لمدينته “مصياف” اعتمد المنظور الهندسي، كأساسٍ ينطلق من نقطة هي نقطة المركز، ذلك أنها مركز انطلاق خطوطه العمودية، لتكون الأفقية محض خياله واطلاعه وخبرته.
لا شك أنه عمل في غاية الصعوبة، ويحتاج للكثير من المهارة الإبداعية.. مع ذلك، تمكن “جرعتلي” من التمرس به، بل ومن جذب كلّ من يرى أعماله الراقية، إلى فضاءاته المذهلة في قدرتها على الإدهاش، وعلى اعتماد الخدعة البصرية.
حتماً، هو يعاني من معوقات كثيرة وعديدة، ولا سيما في ظلّ الظروف التي نعيشها. لكن، مثلما لم تمنعه الصعوبات التي يكمن أغلبها، بعدم وجود من يدعم ويرعى هكذا أعمال، لم تمنعه أيضاً من إكمال ما قدمه ولا يزال، ومن لوحات تميزت بدقتها وجمالية قدرتها، على إثبات براعة وتفرد الفنان في وطننا.
نعم، هذا ما أثبته كما كل فناني الخط والتشكيل والنحت السوري. أثبت ذلك، مُنذ طفولته وبداية تجربته في تعلم الخط العربي.. أيضاً، لدى استمراره وعلى مدى مراحل دراسته، في تهذيب وتطوير موهبته، بل مواهبه المتعددة التي امتلك القدرة على صقلها، بعد انتسابه إلى كلية الفنون الجميلة، قسم الاتصالات البصرية، وبعد الأعمال التي تشهد ببراعتها وجماليتها، كل المعارض التي شارك فيها وأراد منها التأكيد على أهمية إعادة ترميم ما فقدناه، ولا سيما في ظل الحرب التي سعى لمواجهتها، بنشر الثقافة البصرية والجمالية.
نختم برسالته. وبعد إنجازه الضخم لرسم ثلاثي الأبعاد على سطح منزله:
“هي رسالتي للعالم، عن انطلاق عملية إعادة إعمار سورية التي يجب أن تكون مبنية على العراقة والحضارة السورية.. سيبقى الأمل، ببناء حضارة جديدة ليس فقط على الصعيد المعماري، وإنما أيضاً، على الصعيد الفكري والثقافي والروحي.