بعد مرور عشرة أشهر.. وزارة الصناعة تنتظر قرارات الحكومة بخصوص مسابقتها ..وشركاتها تتطلع لترميم النقص في ملاكاتها العددية
الثورة أون لاين – تحقيق محمود ديبو:
لم يعد من المناسب أن تبقى مشكلات الشركات العامة الصناعية من دون علاج ينهي معاناتها ويضعها على عتبة الانطلاق من جديد ، خاصة في ضوء التصريحات التي تتحدث عن حرص الجهات المعنية على القطاع العام ، والتمسك به وتعزيز تنافسيته وإعطائه الدعم اللازم ليعود إلى الإنتاج بأقصى طاقة ممكنة ، وتأمين احتياجات الأسواق المحلية من مختلف السلع والخدمات ، وإنهاء الحاجة للاستيراد وما يفضي إليه هذا الباب من أعباء وتكاليف كبيرة وارتفاع الأسعار .
واليوم نقف على واحدة من أهم المشكلات التي يواجهها القطاع العام الصناعي وهي نقص العمالة في مختلف الشركات الإنتاجية حيث شهدت سنوات الحرب العدوانية على سورية تسرباً كبيراً في العمالة السورية ، ونقصاً واضحاً فيها لأسباب عديدة.
هذا الواقع لم تكن وزارة الصناعة غافلة عنه فقد قامت بالإعلان عن مسابقة لتعيين عمال في مختلف الجهات والشركة التابعة لها مطلع هذا العام ، إلا أن التأخير الحاصل اليوم وعدم الإعلان عن النتائج أثار الكثير من التساؤلات لدى المتقدمين إلى تلك المسابقة ، ولدى الشركات الصناعية التي تنتظر بفارغ الصبر نتائج إيجابية تستطيع من خلالها ترميم ملاكها العددي ومحاولة تجاوز بعض المشكلات والإرباكات الناجمة عن ذلك.
– عزوف عن التقدم إلى شركة الدباغة :
السيدة جورجيت سليمان مدير عام شركة الدباغة بدمشق قالت في حديثها للـ (الثورة) طلبنا أن يتم رفدنا ب 15 عامل دباغة يكون لديهم خبرة بأعمال الدباغة والعمل على الآلات ، لكن للأسف لم يتقدم أحد لديه الشروط المطلوبة وكل من تقدم لا تتوفر فيه الإمكانية والخبرة اللازمة للعمل في الدباغة ، وبالنظر لحاجتنا لعمال لزوم ورشة الخياطة التابعة للشركة فقد تقدم عدد من طالبي العمل ، وتم قبول بعضهم لتوفر الشروط المطلوبة فيهم ، لكن ننتظر ما سيصدر عن المسابقة.
– القطاع الخاص استقطب الخبرات :
ولفتت سليمان إلى أن من بين الأسباب التي ساهمت بعدم تقدم أصحاب الخبرة بعمل الدباغة هو أن الرواتب في القطاع العام غير مشجعة ولا تتناسب مع الجهد المطلوب في هذا المجال ، ومعظم أصحاب الخبرة استقطبهم القطاع الخاص لأنه يدفع رواتب أعلى ، هذا إلى جانب أن ظروف الحرب العدوانية على سورية خلال السنوات الماضية ساهمت في تراجع فرصة إيجاد يد عاملة شابة لديها خبرة في الدباغة.
– نعمل ب 15% من الملاك العددي :
وأوضحت مدير عام الشركة إن الملاك العددي للشركة هو 350 عاملاً في جميع المجالات ، الفنية والإدارية وغيرها، أما اليوم فلا يتجاوز عدد العاملين في الشركة 43 عاملاً ما بين فني وعامل إنتاج وإداري وغير ذلك ، مع الإشارة إلى أن هناك جزءاً من الشركة تعرض للتخريب والتدمير على يد العصابات الإرهابية المسلحة ، ويحتاج إلى إعادة تأهيل ويتضمن معمل دباغة جلود البقر ، وحالياً لا يعمل سوى خط دباغة جلود الغنم ، وأحياناً إذا اضطررنا نقوم بدباغة جلود البقر على خط الغنم ، ولكن بكميات قليلة جداً.
– الرواتب غير محفزة :
ويشير حسن زهرة رئيس نقابة عمال الصناعات الكيميائية في دمشق في حديثه للـ(الثورة) إلى أن ظروف العمل في الدباغة تعتبر من ظروف العمل الشاقة والخطرة لكونها تستلزم التعامل مع مواد كيميائية وجلود وجميعها تعتبر ملوثات ولها آثار سلبية على صحة العامل ، وبيئة العمل تعرض العامل لمضار صحية مع الزمن نتيجة التعامل مع مواد الدباغة والغازات المنطلقة منها ، وبالتالي فإن هذه الشريحة من العمال يجب أن يقدم لها محفزات خاصة من التعويضات والأجور والحوافز الإنتاجية وغيرها لنتمكن من ترغيبهم للتقدم للعمل في القطاع العام ، لأن الراتب الحالي غير محفز لأي صاحب خبرة للعمل ، ضمن الظروف المعروفة في الدباغة ، ولعل هذا من أحد الأسباب التي أدت إلى العزوف عن التقدم للعمل في شركة دباغة دمشق.
– عامل يقوم مقام خمسة :
ويتابع زهرة بالقول إن الأمر لا يختلف كثيراً إذا ما انتقلنا للحديث عن الشركة العامة للصناعات التحويلية (كنار) حيث يعمل حالياً في الشركة حوالي 60 عاملاً فقط من أصل كامل الملاك العددي البالغ 206 عمال، مبيناً على سبيل المثال أن عاملاً واحداً يقوم بمهمة سائق ورئيس مرآب ورئيس لجنة نقابية وأمين مستودع ، أي إنه يقوم مقام أربعة أو خمسة عمال ، هذا إلى جانب النقص في عمال الإنتاج ، حيث عانت الشركة من تسرب العمالة الفنية والإنتاجية الخبيرة والماهرة دون القدرة على تعويض التسرب الحاصل ، هذا النقص في عدد العمال بمختلف فئاتهم واختصاصاتهم يؤدي إلى عدم القدرة على تحقيق الخطة الإنتاجية والتسويقية للشركة.
– الأهلية للمطاط :
وفي الشركة الأهلية للمنتجات المطاطية والبلاستيكية أوضح الكيميائي أنس ياسين مدير عام الشركة للـ (الثورة) إن الشركة تعاني من نقص شديد بالعمال ، مشيراً إلى أن جزءاً من العمال الذين مازالوا على رأس عملهم مضى على وجودهم في الشركة مابين 20-30 عاماً وبعضهم تقدم باستقالته ، لكننا ونظراً لحاجتنا لهم لم نوافق إلا على بعض الحالات الصحية الخاصة ، ونتيجة لهذا النقص في العمال فإننا لسنا قادرين على تشغيل كل الآلات مع بعضها ، ونضطر لتشغيل خطين أو ثلاث خطوط وعلى ورديات على مدار الـ 24 ساعة لنتمكن من تغطية كامل الطلبيات التي ترد إلى الشركة من الجهات العامة وتلبية حاجة القطاع الخاص ، حيث يبلغ عدد العمال الحالي في الشركة 114 عاملاً ما بين إداريين وحراس وسائقين وفنيين وعمال إنتاج في الصالات ولجان مشتريات وغير ذلك ، في حين أن الملاك العددي للشركة 450 عاملاً ، وطلبنا توظيف 46 عاملاً من خلال المسابقة التي أعلنت عنها وزارة الصناعة هذا العام ، وما زلنا ننتظر النتائج.
وبين ياسين أن الحرص على عدم توقف الإنتاج دعانا للجوء إلى آليات عمل تساهم في تحقيق الخطة الإنتاجية بنسب جيدة لجهة القيمة والكمية ، والتحايل على مشكلة نقص العمال ، فمثلاً حالياً الشركة بحاجة إلى عامل من الفئة الأولى يحمل شهادة حقوق ، وكذلك لدينا نقص في عدد السائقين وفي عمال الإنتاج والإداريين ، وهذا استدعى أن يتم تكليف بعض الإداريين بمهمتين مثلاً (مدير معمل ومدير إنتاج) ، (مدير مالية ومدير حسابات) .
– وزارة الصناعة :
وللاستيضاح عن مصير المسابقة وإلى متى يمكن أن ينتظر المتقدمون والشركات العامة على حد سواء أوضحت مديرة التنمية الإدارية في وزارة الصناعة السيدة لميس كامل أن الوزارة قامت بإعداد دراسة شاملة عن وضع العمالة في الوزارة والجهات التابعة لها وحددت حاجة كل جهة من جميع الاختصاصات ، وهذا أفضى إلى الإعلان عن مسابقة لاختيار وتعيين عدد من العمال وفقاً لبطاقات الوصف الوظيفي والملاك العددي لكل جهة ، وبالفعل تم التقدم إلى المسابقة ، ولكن حالياً نحن ننتظر كباقي الوزارات التي كانت قد أعلنت عن مسابقات للتعيين ما ستفضي إليه الدراسة الجارية في رئاسة مجلس الوزراء ، والقرارات التي ستصدر بشأنها.