نحن السوريين واجهنا منذ الحرب التي شنت علينا مختلف أنواع السيناريوهات العدوانية التي مورست علينا بأشكالها المختلفة التقليدية من اعتداءات عسكرية وحرب عصابات واستهداف للبنى التحتية والمنشآت الخدمية والاقتصادية والمدنيين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم سوريون أحبوا وطنهم وتمسكوا بالدفاع عنه، كذلك شهدنا السيناريوهات غير التقليدية من حصار ومقاطعة وتضييق لسبل العيش والكرامة الإنسانية، وها نحن اليوم نشهد سيناريو جديد لا يمت للإنسانية بصلة والمتمثل بالحرائق المفتعلة التي طالت مناطق شاسعة برمتها لتستهدف الشجر والحجر والبشر..
لا أصدق أن هذه الحرائق تمت بدون تخطيط أو بفعل المصادفة، ولا أصدق أيضاً أنها بفعل تجار الفحم أو الحطب وغيرها من الحجج التي أصبحت واهية بحق، إنما متقين أنها بفعل فاعل وهذا الفاعل بحجم دول كبيرة ومؤثرة وعظمى ربما هي من المتآمرين على سورية وشعبها وهي بفعلتها هذه استخدمت أحدث التكنولوجيا التي وضعت في خدمة الشر والموت والخراب.. والكثير شاهد منذ فترة مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لطيارة مسيرة وهي تبث النار في أحد الأحراج وتشعل حريقاً كدليل على ما توصلت إليه الأفكار الشيطانية خلال هذا العصر، وإلا كيف نفسر اشتعال أكثر من ثلاثين حريقاً ضخماً في عدة محافظات؟ وفي التوقيت نفسه الذي يحاول كل العالم تركيعنا نحن السوريين عبر تعقيد الحصول على لقمة العيش بكرامة وسط حصار خانق لم يستثن الدواء والغذاء..؟
اليوم نواجه تحدياً من نوع جديد يستهدف الأراضي الخصبة والطبيعة الخلابة في وقت أعلنت فيه سورية أنها ستواجه الحرب والحصار والمقاطعة بالاهتمام بزراعة كل شبر صالح ومتاح للزراعة دون الالتفات لمن يسعى ويعمل كي نجوع ونعرى، فكان هذا الرد غير الإنساني وغير الأخلاقي..
الجهات المعنية وعلى الرغم من استنفارها بشكل عام لمواجهة هذه الكارثة بمشاركة المجتمع الأهلي والجيش ومختلف الجهات إلا أن ثمة قصور في الأداء ربما كان له علاقة بضعف الإمكانات المتاحة وخاصة أن الكارثة استهدفت عشرات المناطق في التوقيت نفسه بهدف تشتيت الانتباه وتضييع الجهود، والحقيقة أن التقصير له علاقة بعدم اتخاذ أي إجراء وقائي تجاه ما جرى خاصةً أنها ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها لهذا الموقف أو هذا الاعتداء، وهنا ثمة تساؤلات يجب طرحها على الجهات المعنية التي كانت قد أعلنت أنها استوعبت الدرس وأخذت العبر واتخذت إجراءات للتعامل مع وضع كهذا في حال تكراره، وها هو اليوم يتكرر فماذا عن تلك الإجراءات..؟ وأين هي على أرض الواقع..؟
السوريون وكما أذهلوا العالم بشجاعتهم وصمودهم الأسطوري سيتجاوزا هذا الامتحان الصعب والتحدي الجديد بوعيهم وصبرهم وهمتهم، وعسى أن تكون المرة الأخيرة التي نواجه فيها خطراً من هذا النوع…
على الملأ- بقلم أمين التحرير باسل معلا