وتبدأ الحكاية منذ آلاف السنين عندما تعمدت سورية بعبق المحبة والسلام، وبنت حضارتها بالعلم والثقافة والإرث الذي مايزال يقف شاهدا على ازدهار وألق أيامها، واستطاعت بما امتلكته من إيمان بالحياة أن تنثر ضوء حضارتها على العالم جميعه.
امتدت إليها يد الشر في غير زمن وغير عصر طمعاً بما حباها به الخالق، ولكن جموح إبائها يأبى في كل مرة إلا أن يكون النصر حليفه، ليخلف وراءه ذيول الخيبة لكل من تسول له نفسه الآثمة أن يدنس تربها المجبول بطيب العزة والكبرياء.
وفي كل مرة كانت تكتوي بنار الحقد والإرهاب، تقف لتنهض من جديد كطائر الفينيق الذي لايعرف معنى الاستكانة والخضوع بنبض حياة جديدة تملؤها الآمال بأن القادم من الأيام لاشك هو الأجمل.
ومن يتابع النشاط الثقافي اليومي بأشكاله وألوانه كافة، وفي المحافظات جميعها، لابد سيتسلل إليه ذاك الشعور بالنشوة لتلك الإرادة والعزيمة التي يمتلكها صناع الحياة وهم يصوغون معاني جديدة لوجودهم” مهرجانات فنية تستقي مادتها من فسيفساء بلادنا، ومسرحيات ماتزال تضيء أروقة أبي الفنون وتعيد نبض الحياة إلى أبطاله..”
وبين فن السينما والدراما التلفزيونية ثمة مساحة واقعية نعيشها اليوم في جزء من أرضنا السورية، امتدت أحقاد الإرهاب إليها، لتشعل نار شرورها بين الحقول والغابات وتحيلها رماداً، بعد أن فشلت فنونها الآثمة في هزيمة الإرادة البشرية المتماسكة كحجار قلاعها الصامدة أبد الدهر.
واليوم إذ يتنادى الجميع للوقوف إلى جانب أبنائنا في المناطق التي داهمها الحريق، لابد أن نثني على من كان الوعي والإحساس بالمسؤولية بوصلته، ونشد على الأيادي البيضاء التي مابخلت بعطائها إن كان معنوياً أو مادياً، مايؤكد يوماً بعد يوم تلك اللحمة الوطنية التي تسم علاقاتنا الإنسانية في تحقيق ذاك التكامل الذي يحقق الحياة الآمنة للجميع.
وهنا يبرز دور المؤسسات الثقافية والمدارس والجامعات في تكريس الإحساس بالمواطنة والانتماء وزرع حب الوطن في نفوس الطلاب، ومن الأهمية بمكان تعميق الاعتزاز بهويتهم وتسليحهم بالعلم والمعرفة، فسورية كانت وماتزال مصانع للرجال في ميادين الحياة والمستقبل المشرق.
رؤية -فاتن أحمد دعبول