لا تختلف نيران الإرهاب الداعشي وأخواته والمتوالدة عنه التي التهمت المدن والبلدات والقرى السورية بما فيها، لا تختلف عن نيران الحرائق التي تلتهم اليوم الطبيعة والبيئة والحراج وجهد عشرات السنين بذلها السوريون في زراعة وتنمية الأشجار المثمرة، وخاصة شجرة الزيتون المباركة في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وغيرها، بل هي امتداد لها وبفعلها دون أدنى شك في ذلك.
كما لا يختلف موقف المجتمع الدولي بما يعنيه خلال أكثر من تسع سنوات من الحرب الإرهابية الشرسة على سورية، عن موقفه اليوم وهو يتفرج على ألسنة اللهب وهي تلتهم أشجار السنديان والبلوط والشوح والبطم وغيرها من الأنواع النادرة التي تروي قصة الإنسان السوري منذ الأزل إلى يومنا هذا.
ولم نر مواقف ممن يعدون أنفسهم رعاة الإنسان والطبيعة والمناخ سوى الكلام النشاز الأميركي الذي إن دل على شيء فهو يدل على الانحطاط الأخلاقي والقيمي الذي وصلت إليه الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها، وهذا غير مستغرب منهم، لأنهم لا يشعرون بالفرح ولا تنفرج أساريرهم إلا عندما يرون الحرائق في كل مكان في هذا العالم، فكيف إن كانت هذه الحرائق في سورية التي تصدت لمشاريعهم الإرهابية بصمود شعبها وبسالة جيشها ووقوف أصدقائها وحلفائها إلى جانبها، وأفشلت هذه المخططات بكل قوة واقتدار، وهي لن توقف حربها إلا بعد أن تطهر كامل التراب الوطني من رجس الإرهاب وكل أشكال الاحتلال.
وكما عرت سنوات الحرب الإرهابية على سورية سياسات الغرب المتصهين وكشفت كل مخططاته العدوانية المبيتة لمنطقتنا برمتها، ستعري اليوم الحرائق التي يقف وراءها التنظيمات الإرهابية ورعاتها ما تبقى من المشروع الإرهابي الأميركي الصهيوني، وستؤكد من جديد للقاصي والداني أن من أسس الحضارة وبناها منذ أقدم العصور قادر على أن يعيد بناء ما دمره وخربه الإرهاب، وأن يعيد أيضاً الخضرة إلى ربوع بلاده التي اتشحت بسواد الحرائق المفتعلة، وسيبقى كأشجار السنديان متجذراً بهذه الأرض ومتمسكاً بوطنه وحقوقه مهما تكالب عليه الأعداء.
حدث وتعليق- راغب العطية