الثورة أون لاين- ناصر منذر:
مع كل موقف أوروبي تصعيدي جديد تجاه سورية، يتبادر للذهن سؤال مهم: (ما الذي تجنيه الدول الأوروبية من وراء عدائها وحقدها للسوريين، ومن مشاركتها في الحرب الإرهابية ضدهم؟)، فهذه الدول لا تزال حتى الآن تدعم ما تبقى من تنظيمات إرهابية وتوفر لها الغطاء السياسي من خلال التستر على جرائمها وشرعنتها أيضاً، ولكنها في المقابل لم تحقق أي هدف سياسي، وهنا لا يخطر أي جواب يخرج عن إطار أن تلك الدول تحنّ إلى ماضيها الاستعماري، وتتوهم أنها بسيرها خلف السياسة الأميركية وتنفيذ أجنداتها العدوانية، تستطيع إعادة ماضيها البغيض ذاك، وإعادة فرض نفوذها على دول المنطقة عبر البوابة السورية.
الدول الأوروبية تنطلق من حقدها وعدائها للشعب السوري، وهو من عرى نفاقها وأكاذيبها، وكشف زيف ادعاءاتها الإنسانية، لذلك لم تتخل عن اللحاق بالركب الأميركي في العزف على وتر العقوبات، كلما فشلت باستثمار الإرهاب وتوظيفه في سياق أجنداتها السياسية، واسطوانة (الكيميائي) المهترئة يبدو أنها باتت الرهان الوحيد الذي تتوهم أن بمقدورها لي ذراع الدولة السورية من خلال مواصلة التشبث به، على أمل أن تصبح هذه الكذبة مسألة قابلة للتصديق، رغم أنها باتت مكشوفة ومفضوحة، وحتى الإعلام الغربي نفسه بات يعري كل تلك المزاعم بناءً على دلائل حقيقية بعيدة عن التضليل والتزييف.ٍ
منذ ابتداع كذبة (الكيميائي) وحتى الآن لم يوجد أي دليل يشير من قريب أو بعيد إلى استخدام الجيش العربي السوري أي سلاح كيميائي، بكل مراحل تصديه للحرب الإرهابية، خاصة وأن سورية لا تمتلك أي أسلحة كيميائية وذلك في إطار تنفيذها التزاماتها مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فيما كل الدلائل والبراهين تثبت أن الإرهابيين المدعومين من أميركا والغرب هم من استخدموا الأسلحة الكيميائية مرات عديدة، والكثير من التقارير أكدت امتلاكهم مثل تلك الأسلحة، التي زودتهم بها أميركا وتركيا وبريطانيا وغيرها من الدول الراعية لهم، ولكن منظومة العدوان كانت تلجأ دائماً لتزييف هذه الحقائق للتستر على جرائم الإرهابيين، وهذا ما بدا واضحاً من خلال التكتم على الكثير من التقارير التي خلص إليها المحققون في (حظر الكيميائية) وتشير في مجملها إلى أن الإرهابيين يتحملون المسؤولية في هذا الشأن، وبالأمس كشفت وزارة الدفاع الروسية عن استعدادات يقوم بها إرهابيو (جبهة النصرة) لفبركة مسرحية جديدة باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين بريف إدلب الجنوبي لاتهام الجيش العربي السوري.
اليوم وبعد نحو عشر سنوات من الحرب الإرهابية، جربت خلالها منظومة العدوان كل أنواع الضغط العسكري والسياسي والاقتصادي من دون أن تحقق أي من أجنداتها السياسية، أثبتت الوقائع استحالة أن تحقق الدول الأوروبية أوهامها، والملفت للنظر أنه بدل أن تعيد تلك الدول حساباتها ومقارباتها السياسية، تراكم جرائمها بحق السوريين، ولا تريد إدراك حقيقة مهمة، بأن دورها الرئيسي في دعم الإرهاب في سورية، لم يجلب لها سوى المشاكل الأمنية، وجعلها عرضة للابتزاز السياسي من قبل شركائها في الحرب الإرهابية، الولايات المتحدة كثيرا ما تهددها بتعويم الإرهاب داخل أراضيها بحال لم تعمل على استعادة دواعشها، ونظام اللص أردوغان يشهر بوجهها ورقة اللاجئين في كل مرة تحاول فيها الوقوف بوجه أطماعه التوسعية، وهي أيضاً لم تسلم من ارتدادات الإرهاب الذي دعمته طوال فترة الحرب الماضية، فإلى متى ستبقى تلك الدول ترهن قراراتها ومصالحها بالمشروع الصهيو-أميركي، على حساب مصلحة شعوبها وأمنها واستقرارها؟.