بالنظر إلى حجم الدعم الذي تقدمه الدولة للمواطنين، للمساهمة في تخفيف الأعباء المعيشية والذي يقدر بمئات مليارات الليرات، فإن هذا الحجم الكبير يتطلب دائماً الإصرار والتأكيد مجدداً على أن تتحقق الفائدة المرجوة منه إلى أقصى حد ممكن.
وهنا يمكننا الإشارة إلى الهدر الحاصل في هذا الدعم والذي يخرج من باب صناعة الرغيف ليتحول إلى مليارات في جيوب البعض على حساب كمية ونوعية الرغيف الواصل إلى المواطنين المستهدفين من هذا الدعم.
ففي واحدة من المشاهدات المباشرة التي وقفنا عليها خلال أيام نجد أن الهدر يبدأ من المخبز نفسه، حيث تجد أطناناً من الخبز الذي يصنف تحت بند (التالف) أو غير الصالح للاستهلاك، يخرج من أبواب تلك الأفران ليأخذ طريقه إلى وجهة ما لا نعرف مقصدها.
ونبقى داخل المخبز لنشير إلى جودة الرغيف المصنع ولنجد أن الآراء تكاد تجمع على تراجع واضح في جودة الخبز الذي يباع للمواطنين، وهناك أمثلة حية وقفنا عليها خلال الأيام القريبة الماضية في عدة أفران بمدينة دمشق، أنتجت (خبزاً) بمواصفات وجودة مختلفة عما كانت تنتجه في السابق.
ولما كانت جودة ومواصفات رغيف الخبز قد تراجعت بهذا الشكل فإن باب الهدر الآخر الذي فتح هنا هو كميات الخبز التي ترمى قرب الحاويات أو على الأرصفة وحتى تلك التي يشتريها باعة الخبز من المواطنين وهي ليست بالقليلة.
مثل هذه المشاهدات التي ترى بأم العين والتي لا تحتاج إلى تدقيق أو بحث، من شأنها أن تنبه إلى ضرورة تلافي الحالات التي فتحت أبواباً واسعة لهدر الدعم المقدم للمواطنين.
ولا بد من تحميل المسؤوليات بشكل مباشر للقائمين على عملية دعم وإنتاج الرغيف وغيرها من المعنيين والمشرفين وإدارة عملية إنتاج الخبز، والتأكد إن كان هناك حالات فساد من إحدى حلقات الإنتاج تلك والتي تسعى من خلال ذلك للارتزاق على حساب الدعم المخصص للمواطنين، وحرمانهم من تناول رغيف خبز يتمتع بالمواصفة والجودة المطلوبة.
فمثل هذا المطلب لا يخرج عن الكثير من التصريحات الرسمية التي أكدت عزمها على متابعة أي حالة تقصير أو تلاعب أو غير ذلك برغيف الخبز، وإيصاله بالشكل المطلوب للمواطنين، فهل سنشهد معالجة حقيقية لما نشهده من تردٍ في جودة الرغيف الذي يدخل بيوت المواطنين، ووضع حد لهدر مئات المليارات من الليرات التي تقدم سنوياً كدعم لهذا الرغيف..؟؟.
حديث الناس- محمود ديبو