مرّ صيف قائظ قاس كاد يترك قبلة السواد على الأرض، ويجفف كلّ شيء.. لكنه عبر وانتهى، وتاق الكثيرون للشتاء بغض النظر عن عدم التهيئة الجيدة له من قبل الأسر السورية بتخزين المؤونات التي اعتادوا أن يصنعوها صيفاً ..
أو الحصول على مازوت التدفئة مع أن الشركة تتحفنا كلّ عام بموعد يبدأ من منتصف الصيف إلى نهاية صيف العام الذي يليه والسعيد من يحصل على مخصصاته، ناهيك عما ننتظره على المخابز والحصول على أسطوانة الغاز.. صحيح أن ثمة أملاً أو أقرب إلى البصيص منه من النور الكاشف مرده أن أحد المسؤولين وكان حديث العهد بموقعه وعد بشتاء دافء من حيث الطاقة الكهربائية، وكان من قبله يعدّ الأمر نفسه لكن مواعيد تذروها حجج كثيرة ..
عاد المسؤول الذي وعد وعلى مبدأ كلام الليل يمحوه النهار ليغير أقواله وليعلن أننا سنواجه مصاعب بالكهرباء في هذا الشتاء.. خطوة ارتدادية وأيضاً استباقية تدل على أنه فهم الدرس أن لا تعد ولا تصرح بما لا يمكنك تنفيذه، ومن درس المحروقات وما جرى ودرس الخبز وضبط الأسعار..
منكدات الشتاء لم تتأخر كثيراً.. في حصتنا من التيار الكهربائي ثلاث ساعات وصل يتم استقطاع ساعة منها مع كل حصة …وتوزيع مزاجي غيرعادل ابداً..
لن نطلب العدالة ولا نشغل نفسنا بالبحث عنها.. لكننا مشغولون بالبحث عن طرق لاستثمار البحيرات التي تشكلت مع أول مطرة في دمشق وفي المحافظات كافة.
من طريق دمشق درعا إلى دمر و مشروعها، ساعات قليلة كانت كافية لأن ترى بالعين المجردة ومحاولة الوصول إلى عملك أن كل تصريحات الجهات المعنية بالاستعداد لفصل المطر ليست إلا كلاماً من وراء الطاولات ..
كلّ عام يطلع علينا مسؤولون في المحافظات يطلقون التصريحات.. لقد أنجزت المحافظة استعدادها لفصل الشتاء، ونحن جاهزون .. من محافظة دمشق والريف إلى اللاذقية إلى.. تسمع ما يصرح به المسؤولون تقول.. هنيئاً لنا بهم ..
بل ربما تفكر أن تقتطع من لقمة عيشك لتقديم شيء ما لهم تقديراً واحتراماً على ما يبذلون.
ولن تسأل أحداً منهم كيف تتشكل هذه المستنقعات من عشرات السنين على الطرق وفي ساحات المدن..
ولن يخطر ببالك أن تسأل أيضاً ماذا فعلوا في الصيف وكيف استعدوا للشتاء، هل فعلوا ذلك عبر سيارات مكيفة.. أم زوارق سريعة..؟
ولن تسأل لماذا لا تتم محاسبتهم .. فقط تتمنى لو أن لدى المهمل منهم فقط ربع حس مسؤولية سيدة البيت وهي تستعد لفصل الشتاء..
لن نذهب بعيداً ونتحدث عن المدارس وغيرها.. نعرف أن ثمة شجوناً وشؤوناً كبيرة لا طاقة لنا بمواجهتها.
ولن نكرر أنشودة المطر للسياب فقد صارت أمامنا ملاحم وليس أنشودة..
ولكن الحقيقة تقول: إن الشتاء غدار لا يخبر المسؤولين عن قدومه يفاجئهم دائماً.. وهو منحاز للأمهات لأنه يجدهن في أروقة الحياة والعمل في المطبخ وفي السوق وفي كل مكان.. أما من يعنيه الأمر فمن الصعوبة بمكان الوصول إليه حيث الدفء وراء الطاولات، ليتهم يتحركون قليلاً قليلاً في الشوارع لعلّ الشتاء يراهم فيخبرهم أنه قادم..
هل عرفتم لماذا لا أحب الشتاء.. ببساطة لأنه يفاجئ مسؤولينا وأنا أحبهم جداً في أول نيسان .
معاً على الطريق ..ديب علي حسن