الثورة أون لاين – فاتن أحمد دعبول:
لا بد من التفاتة سريعة إلى الوراء في محاولة تقييم حصاد دورة كاملة، وما أثمرت من نتاجات على صعيد الاستثمار في الثقافة والفكر، وما كان منها على صعيد النتاجات للمطبوعات والدوريات، وهل كان الحصاد وفيراً، أم ثمة ما أعاق العمل ووقف حائلاً دون تحقيق الخطة المرصودة في الأجندة الثقافية للاتحاد؟
ترى هل طموح أعضاء الاتحاد يتحرك باتجاه أجندة هي الأكثر فاعلية لاستدراك مافاتهم ضمن خطة واستراتيجية مدروسة تحقق حراكاً ثقافياً فاعلاً من أجل ثقافة بناءة تكرس نهجاً باتجاه المواطنة والانتماء والعمل الدؤوب من أجل ثقافة التنوير وربط الأجيال بأصالتهم وإرث أجدادهم؟ وكيف يتطلعون إلى العهد الجديد، هذا ماسنعرض له في الاستطلاع التالي.
د. أحمد علي محمد: رئيس الاتحاد والمكتب التنفيذي أدوا الرسالة
لا بد من القول إن المكتب التنفيذي ورئيس الاتحاد أدوا مهامهم وقاموا بدورهم في هذه الدورة من عمر اتحاد الكتاب العرب، وخصوصاً فيما يخص إقامة الندوات والملتقيات الأدبية والجوائز وإصدار المطبوعات، سواء منها الكتب للدراسات والإبداع الأدبي أو على صعيد الدوريات.
ويضيف أحمد علي محمد: إن الاتحاد لم يتوقف عن مهمته في إصدار الكتب والدوريات، وهذا شيء جيد، ولكن كنا نتمنى أن يتم تسويق مطبوعات الاتحاد على نطاق واسع داخل القطر وخارجه، والاهتمام بتفعيل الشأن الثقافي أكثر مما جرى، لما للشأن الثقافي من دور في نشر الوعي وخاصة ما يتعلق بقضية الانتماء الوطني.
ولا يخفى على أحد ما للشأن الثقافي من دور في تشكيل البيئة الملائمة لتطوير الأفكار الاجتماعية، فالنهوض بالثقافة، هو نهوض بالمجتمع وبالمجالات الحيوية كافة التي يمكن أن تسرع في عملية تجاوز الأزمة وتفهم المشكلات التي تعصف بالوطن الآن، وعندما تأخذ الثقافة دورها ينمو الوعي المقاوم ما يؤدي إلى تشكيل الحصن المنيع وتكريس ثقة الناس بأنفسهم وببلدهم.
وما نريده من أعضاء الدورة القادمة أن تتوسع النشاطات الثقافية بكل المحافظات السورية، وأن يخصص دعم للطاقات الأدبية الشابة، والتوسع في نشر مطبوعات الاتحاد داخل القطر وخارجه، كما نتمنى الدعم المادي لأعضاء الاتحاد ودعم النشاطات الفكرية والأدبية والثقافية التي يقوم بها أعضاء الاتحاد بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار وتكاليف الحياة، حتى يقوم المثقف بدوره الوطني الريادي وتقديم ثقافة نوعية للجمهور.
ومن الأهمية بمكان تخصيص مكان في مبنى الاتحاد لاستراحة الأعضاء القادمين من المحافظات البعيدة، وتكون مكاناً يلتقي به الأدباء للتداول والاستراحة، أشبه ما يكون بالنادي، وبأسعار رمزية.
فلك حصرية: ضرورة الاستثمار في الثقافة
وتبين فلك حصرية عضو مكتب تنفيذي أنه مع نهاية الدورة الحالية من عمر اتحاد الكتاب العرب، وبداية مرحلة قادمة نتطلع فيها أن تكون أكثر شفافية وأكثر عملاً وأكثر حضوراً وعطاء وبريقاً يخدم الثقافة والمثقفين ويماهي الأدب والكتاب وشتى أنواع الأدب.
ولعل البارقة الأقوى التي توهجت وتلألأت بالنسبة للاتحاد ولأعضائه، هي لقاء الكاتب والأديب الأول د. بشار الأسد، فقد كان لطرحه الاستراتيجي ولمجمل ما أشار إليه، ألا وهو الاستثمار في الثقافة والنهوض بواقعها وتوجيه البوصلة نحو المزيد من الشفافية، وترْك باب الاتحاد مشرعاً لكي يأخذ دوره ويؤديه على أكمل وجه وأفضله.
وتضيف حصرية: إننا ما زلنا مقصرين في المجال الذي دعا إليه وأراده سيد الوطن، فأين دورنا وما وعدناه به لدى لقائنا في الذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد، أين المشروع الثقافي الاستراتيجي القادر على النهوض للكاتب والكتاب والأدباء والثقافة والمثقفين، إننا مطالبون جميعاً بأداء وعد التزمنا به تجاه السيد الرئيس من أجل النهوض بواقع الثقافة والفكر والأدب.
وربما كان لقاؤنا بالسيد الرئيس هو النقطة المضيئة الوحيدة التي نختتم بها دورنا كقياديين في الدورة التاسعة التي آلت إلى الغروب، وأرجو أن تكون المرحلة القادمة والدورة المقبلة لهذا المعقل الأدبي الراقي أكثر عطاء وأكثر تواجداً وإبداعاً، وأن يضع اللبنات الأولى في ترجمة شعار الاستثمار في الثقافة.
فاروق سليم: الضعف في نشر الكتب
يسجل لزملائنا في اتحاد الكتاب العرب في المجلس المركزي والمكتب التنفيذي في مرحلة هي من الزمن الصعب، يسجل لهم على مستوى الأداء الاستمرار في إصدار الدوريات بشكل منتظم والقيام بالأنشطة على مستوى الفروع، وإضافة أنشطة بعضها مهم، وكان آخرها مهرجان الشعر” أبو تمام” .
لكن من الإشكالات التي عانى منها، الضعف في نشر الكتب حتى أصبح نشرها نادراً جداً، والزملاء يرجعون ذلك إلى الظروف والعجز عن تأمين ورق الطباعة، هذا إلى جانب التفاوت في أداء الفروع، فالبعض كفرع دمشق ينشط في تقديم الأنشطة والبعض الآخر يعمل بشكل متواضع ربما بسبب ظروف المحافظات.
ولا بد من الإشارة إلى أن الاتحاد عانى إلى حد ما من عقلية كيدية وانفعالية، تعاملت بانفتاح مع فئة من الزملاء، وانغلاق وعدائية أحياناً مع فئة أخرى، ما أدى إلى الانشغال بقضايا هامشية ومؤذية أحياناً، ويسجل لهذه العقلية نفسها أنها نجحت في فتح آفاق للتعامل مع اتحادات عربية عدة فكانت منفتحة عربياً إلى حد ما ومنغلقة إلى حد ما سورية، وقد أسهمت نفسها في تأزيم علاقة اتحاد الكتاب العرب مع عدد من الاتحادات العربية الأخرى.
وهناك العديد من الإشكالات لم تحسم في الاتحاد وخصوصاً ما يتعلق بقضية الاستثمار التي طرحت في مؤتمر الاتحاد السابق، والتقصير في استثمار ممتلكات الفروع في بعض المحافظات وخصوصاً حلب.
وبالطبع ننتظر من أعضاء الدورة الجديدة التوجه بشكل فاعل نحو بناء ثقافة وطنية ناقدة ومتعددة الأصوات، متنوعة المرجعيات الوطنية وتنحاز إلى مؤسسات الدولة بشكل واضح وصريح، إضافة إلى إعلاء شأن التمسك بالوطنية السورية في سياق الانتماء القومي العربي وما يتصل به من قضايا، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مع تعميق الوعي بأن مقاومة المشروع الصهيوني لا تكون إلا بنهوض حضاري شامل مؤسس على الثقافة والعلم والمواطنة.
ويضيف سليم: نأمل بانفتاح على المؤسسات الثقافية ودور النشر الخاصة والتعاون معها لخلق فرص جديدة لنشر الفكر والإبداع، والتأكيد على مدنية اتحاد الكتاب العرب والسعي مع مختلف الجهات الرسمية والشعبية والأهلية لتفعيل هذه المؤسسة لتكون ضمن المؤسسات الوطنية الفاعلة لرأب الصدع في سورية الذي عمل العدو عليه وضرورة عودة اللاجئين والنازحين إلى مدنهم وقراهم، هذا مع التأكيد على استعادة وتقوية الوحدة الوطنية والسيادة على كامل التراب السوري.
ويختم عضو اتحاد الكتاب العرب بضرورة السعي على مستوى التنظيم إلى افتتاح فروع لاتحاد الكتاب العرب في الجامعات السورية لربط كل منهما بالآخر في مجال الأنشطة النوعية فكرياً وإبداعياً إضافة للنشر والتوزيع والتواصل المباشر مع فئة الشباب الجامعي الأكثر أهمية في بناء سورية الجديدة إن شاء الله.
منير خلف: نريده اتحاداً قولاً وفعلاً
ويبين منير خلف عضو اتحاد الكتاب العرب أن الاتحاد هو جزء لا ينفصل من بلدنا الذي عانى ويعاني من الدمار والخراب، ومن البدهي أن كل مظاهر الحرب وتبعاتها المؤلمة قد طبعت ملامحها في حياة الاتحاد، بل أثرت تأثيراً بالغاً فيه لأنه القلب الذي يرى ما لا يراه الآخرون.
ويقول خلف: أعتقد أن صوت الاتحاد وصل إلى الجماهير، ولكنه ليس بالمعنى التام الذي تنشده النفس وترتقي به، لأن ظروفاً قاهرة وقاسية حالت دون تحقيق ذلك، وما أتمناه بل أرجو أن يصل الاتحاد إلى عمق الإنسان بكل طاقاته، إلى الإنسان غير الأديب قبل الأديب ويكون عينه التي يرى بها ويده التي ستبني، وأن يكون راسماً الطريق النير أمام الجماهير، واليد التي تأخذ بقلب المبدع قبل يده، والمبدع الناشىء قبل عضو الاتحاد، أو إليهما معاً.
فالمعاناة التي لقيها الإنسان السوري حجمها كبير لجهة الخسارة والألم، وكل ما أرجوه أن يقوم الاتحاد بنهضة إنسانية أدبية جديرة باسمه، وأن يكون اتحاداً عاماً يلم شمل الجميع تحت خيمة الحب الوطنية بكامل الفسيفساء السوري البهي.
الآلام كبيرة والآمال أيضاً لذا نطمح في دورة الاتحاد الجديدة أن يسمو صوت” النحن” على صوت الأنا الفردية، نريده اتحاداً كاسمه قولاً وفعلاً، نريده شامخاً، عالياً صادحاً بالحق، ناطقاً بالجمال، ملبياً طموحات أعضائه الذين أنهكتهم الحرب بحثاً عن حياة حرة كريمة جديرة بالأديب الذي يأتي إلى بيته ويرى كل متطلبات الأسرة متوفرة لا أن يقضي بقية يومه بحثاً عن الخبز والماء وطعم الحياة.
وعلى اتحادنا أن يكون اتحاداً حقيقياً، ساطعاً، مفكراً بأبنائه المبدعين ومحققاً صوت قلوبهم المخنوقة، ودام الاتحاد بألف خير.