الكتبُ تحكمُ العالم

مهما كنتُ مُتعصِّباً للكِتابِ وللقراءة فلن أجرؤَ على مثل هذا التصريح: “الكتبُ تحكمُ العالم”، لأسبابٍ كثيرة أهمُّها أنني لا أُمِن بذلك اليوم بعد كل ما مرَّ بنا وشهدناهُ في بلادنا العربيّة، لكن الغريب أنَّ فيلسوف الأنوار الشهير فولتير هو من أعلن ذلكَ ذات يوم حين قال حرفيّاً: «إن الكتب هي التي تحكم العالم»، بعد أن تنكَّرَ لوصيّةِ أبيه في التخصص العلمي، وأبى إلّا أن يكونَ أديباً وفيلسوفاً. كان الرجلُ يُثمِّنُ الأدبَ كثيراً، ويُعلي من شأنه في الحياة، بينما كان أبوهُ شأن معظمِ آبائنا يرى في احترافِ الأدب درباً ممهَّدةً إلى الإملاق والفقر. لم يكذب حدسُ الرجلِ أو لنقل إيمانُه، وهو المؤمن بقوَّة الكلمة وقدرتها على تحرير الإنسان في دور الأدبِ والفكرِ في التنوير والنهوضِ والانبعاث واستطاعَ بأدبهِ وفكره أن يحققَ الكثير.
“الكتبُ هي التي تحكم العالم”…. كيف لها أن تفعلَ ذلك إذا كان عدد القراءِ في العالم حتى المتقدِّم قلّة، ولا أتحدَّث عن نسبتهم الفاجعة في دولٍ كالدول العربيّةِ؛ نعم لعلَّ كتب القانون والتشريعات قد تفعل ذلك في قاعات المحاكم فحسب، إذا ما افترضنا وجود نزاهةٍ مطلقة عند أعضاءِ السلك القضائي والمحامين عامةً، نعم وقد تؤثِّرُ الكتبُ في سلوكِ الناسِ الذين يعشقونها بطريقةٍ أو بأخرى كما عبَّر عبد الفتّاح كيليطو عندما قال: “إن الكتب قد شكَّلت إلى حدٍّ ما رؤيتي إلى العالم”، وهذا ما نراهُ ماثلاً في سلوكِ شخصيَّاتٍ يبنيها الروائيونَ والقاصونَ في سرديّاتهم؛ ألم تجعل قراءاتُ “دون كخيوت” قصصَ الفروسيّة النبيلةِ صاحبَها على النحو الذي قرأناه عند سرفانتس؟ ألم تدفع قراءاتُ إمّا بوفاري قصصَ الحب الرومانسيّة صاحبتَها للبحثِ عن الحبِّ الحقيقي النبيل فإذا بها ترمي بنفسها تحت عجلات القطار، وقد يجعلُ حُبُّ الكتابِ امرأةً مُثقَّفةً مُغرمةً بالأدبِ تجلسُ ساعاتٍ طوالٍ تعيدُ نسخَ روايةِ ماركيز “مئة عام من العزلة”، رغبةً في اكتشافِ من هو المجنون: الكاتبُ أم هي القارئة؛ لكن كم عدد هذه الحالات بالنسبةِ إلى المليارات من البشر التي تجرُّ أقدامها على سطح البسيطة؟
نعم تستطيعُ الكتب العظيمةُ أن تُطوِّرَ الإنسان والطبيعة، وأن تغيِّر الكثير، وتسهم في بناءِ الكون، لكنها في أزمنةٍ كثيرةٍ ستنسحبُ خجولةً إلى رفوفِ المكتباتِ المنسيّة، وإلى الأقبيةِ الباردة، بانتظارِ مغولٍ يأتونَ بسيوفٍ مُدمّاة ورماحٍ تحمل رؤوسَ المفكرين؛ فيلقونَ بها في مياه دجلة، بانتظار برابرةٍ جدد ومحاكم تفتيش تكوِّمها في الساحات وتشعل النار فيها، بانتظارِ جيوشٍ فاشيّة لا ترى فيها إلّا ماضٍ يجب حرقُه… هاهو جوزيف غوبلز يهتفُ وقد أُحرقت ونُهبت مكتباتُ أوروبّا الشرقيّة بمخطوطاتها النادرة: “ها هو ذا الماضي يحترق”، بانتظارِ ثوراتٍ قد ترفع شعاراتٍ نبيلة، ولكنها تمارسُ عمليات تطهيرٍ لا تطال الكتَّابَ والمفكرين فحسب بل تطالُ كُتُبَهم، بل الكتب التي تنتمي إلى عهدٍ أو زمنٍ سابق…
بائسةٌ هي الكتبُ فليسَ بمقدورها أن تحكم أحداً….

 إضاءات- د. ثائر زين الدين

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة