تعيش أميركا منذ إعلان فوز بايدن ورفض ترامب للنتائج وحتى 20-1-2021 وهو اليوم المقرر لدخول بايدن البيت الأبيض وخروج ترامب الأرعن، تعيش حالة من التوتر والقلق لم يسبق لها مثيل في تاريخ هذه الدولة المارقة التي أفقرت شعوب العالم ودمرت كل من يخالفها ويسير في ركبها العدواني.
إذاً علينا أن نُوصِّف الوضع بأن أميركا هذه الأيام لها رئيسان، والجميع يتوقعون غير المتوقع إلى أن تبت الدولة العميقة بالأمر، فإما أن تأمر ترامب بالقبول بالأمر الواقع، وإما أن تتركه يعربد ليأخذ بلاده ليس فقط إلى الحرب الأهلية التي أصبحت أرضيتها مهيأة، بل إلى أكثر من ذلك، أي إلى احتمالات مواجهات في غير منطقة من العالم وخصوصاً دول محور المقاومة في الشرق الأوسط والصين وروسيا وفنزويلا، ولا مفر لأميركا من التصادم مع هذه الدول لإنقاذ اقتصادها المنهار وتكريس هيمنتها.
ولهذا أقال ترامب وزير الدفاع ودفع وكيل البنتاغون إلى الاستقالة وسرَّب التحضير لإقالة كلٍ من مدير C.I.A ومدير الـ F.B.I، مع تسريبات بالبدء بشحن الصواريخ والقنابل الذكية إلى الإمارات، ثم نظم جولة لوزير الخارجية بومبيو وأهمها الجولان السوري المحتل لمعاينة أرضية مشروع منطقة عازلة بين سورية والكيان المحتل بتمويل عرباني تطبيعي. كما قام بانسحابات نوعية من أفغانستان والعراق بحيث انخفض عديد القوات الأميركية لأدنى مستوى منذ 20 سنة.
نستخلص من هذا أن ترامب يعيد تنظيم إدارته من أجل القيام بعمل عسكري أو أمني، معتمداً على من يكون طوع بنانه.
فإذا أخذنا بالإعداد لاستعمال القوة في مكان ما، فإنّ التساؤل هو أيّ ميدان سيختار، الداخلي أم الخارجي ؟.
ففي الداخل مازال يعلن نيته عدم تسليم السلطة، فهل سيستند إلى قوة السلاح الذي انتشر بين المواطنين ليأمن جانب القوى العسكرية والأمنية حتى يطمئن إلى نجاح المؤيدين له والرافضين لخروجه. وبهذا تكون المناقلات والتعيينات بدءاً من رئيسة المحكمة العليا وصولاً إلى من ذكرناه أعلاه، أعمالاً إعدادية لمسارح العمليات الرسمية والشعبية.
أما الوجه الخارجي للانتقام فسيكون في أكثر من مسرح عمليات، والمحللون العسكريون والمراقبون يقولون إن مثل هذه الاستعدادات ترجح إضافة إلى العقوبات المتتالية توجيه ضربات تدميرية للمنشآت النووية الإيرانية وللوجود المقاوم في سورية والعراق ولبنان، وعمليات بحرية في الخليج ضد إيران مترافقة، بضربة مركزة للصواريخ الدقيقة لحزب الله، تتزامن مع التعرّض للوجود العسكري لمحور المقاومة جنوبي سورية. إضافة إلى تنفيذ عمليات اغتيال واسعة لعدد من قادة محور المقاومة.
هذه التوقعات بدأ محور المقاومة يتعامل معها بجدية قصوى.فإما أن يتبع أسلوب الدفاع السلبي لتجنب الضرر والحد من الخسائر باتخاذ تدابير تعقد مهمة المعتدي، وإما الدفاع الإيجابي الردعي الفاعل عبر العمل المركز باستراتيجية “الهدف بالهدف المقابل”.
وهنا سيكون لدى محور المقاومة بنك أهداف واسع يشمل إضافة إلى القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة والأسطول البحري في الخليج بنك أهداف يشمل كامل المساحة المغتصبة في فلسطين المحتلة، والمراكز الاستراتيجية العسكرية والاقتصادية في الدول المموّلة للحرب فضلاً عن المعابر المائية في مضيق هرمز وباب المندب.
ولا يغيب عن البال أهمية الحرب النفسية التي ستسبق أي عمل وعدوان، لكن محور المقاومة أصبحت لديه مناعة ضدّ سموم العدو ويملك القدرة للفتك بمعنوياته، فلقد تأكد أن هذا العدو يمكن أن يطلق الطلقة الأولى، لكنه حتماً لن تكون له الطلقة الأخيرة.
وإن غداً لناظره قريب.
إضاءات – د.عبد الحميد دشتي