على الرغم من الاهتمام الكبير الذي توليه الكثير من الدول للتعليم والتدريب في المجال التقني والمهني باعتباره حجر الأساس في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين ومجتمعاتهم وأحد أهم الأعمدة الرئيسية التي ساهمت في نهضة الكثير من الدول والمجتمعات، ألا أن التعليم المهني والتقني لم يلق الاهتمام الكافي لدينا حيث مازال يعاني من نظرة المجتمع القاصرة والمتدنية للتعليم الفني وطلابه وغالباً ينظر إليه بأنه أقل مستوى من التعليم الأكاديمي والجامعي ما أدى لعزوف عدد كبير من الطلبة عنه وعدم رغبتهم في الالتحاق فيه وأفقده أهميته كأحد أهم عناصر التطوير والبناء في المجتمع.
يجهل الكثير ماهية التعليم المهني والفني ومفهومه الصحيح وأهمية مخرجاتهما في تفعيل حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودوره في تزويد الشباب بالمهارات والمعارف اللازمة للمشاركة الفاعلة في بناء المجتمع، وذلك بسبب غياب الوعي بأهميته وعدم وجود المحفزات للمتابعة فيه، لذلك لابد من توعية التلاميذ في مرحلة التعليم الأساسي، وأولياء أمورهم بضرورته، وحثهم بشكل طوعي للتوجه إليه، والتوسع فيه وتقديم الدعم المناسب له، إضافة لضرورة رفع نسبة الخريجين الأوائل لطلاب التعليم الفني والمهني لدخول الجامعات وربطه بكليات متخصصة وإيجاد وظائف مناسبة بما يضمن تنمية كفاءاتهم العلمية ومهاراتهم وتحقيق الأهداف المرجوة منه.
يعدّ التعليم والتدريب المهني مدخلاً أساسياً في أي استراتيجية للتنمية لذلك يجب تشخيص نقاط القوة والضعف والعوامل والصعوبات التي تقف حائلاً بوجه تطوره وتوفير قاعدة بيانات عنه وعن سوق العمل والعمالة ومستوياتها وتصنيفها ومعرفة الحاجات الحالية والمستقبلية من الكوادر المهنية، والتشجيع على الاستثمار في هذا المجال وتعزيز علاقة الوزارات المعنية فيه بالقطاع الخاص وبالمستثمرين لتحقيق الأهداف المشتركة وإحداث التشبيك المطلوب بين التعليم المهني وغرف الصناعة والتجارة حيث لا تطور في التعليم المهني والتقني دون شراكة حقيقية مع سوق العمل.
يقاس تطور الأمم بمقدار المكانة التي تتبوؤها مؤسساتها التربوية والتعليمية وما تملكه من الخبرات والكفاءات أو ما يسمى رأس المال البشري، وانطلاقاً من ذلك يجب العمل على النهوض بتطوير منظومة التعليم بكل أشكالها ومن ضمنها الارتقاء بالتعليم المهني والتقني ومناهجه واختصاصاته لسد النقص الكبير في العمالة الماهرة المؤهلة وتوظيفها والاستفادة منها ومن طاقاتها وإنتاجيتها بما يخدم المرحلة المقبلة وتعزيز تمويل المشاريع التعليمية.
أروقة محلية – بسام زيود