” في البحث عن السَّعادة…”

الثورة أون لاين- ليندا إبراهيم:

لعلَّ أكثر ما تحتاجه الإنسانية على مر العصور، والإنسان السُّوريُّ بشكل خاص، هو الشعور بالسعادة، والإحساس بها أيضاً، وإنما عمداً قرنتُ المفردتين الدَّالَّتين “الشعور”، و”الإحساس”، بالسعادة على اختلاف مدلولاتهما، فلأنَّ الشعور بالسعادة هو شعور داخلي، وقناعة ذاتية، وتلمس شخصي، يقوم به الفرد ويصنعه ويبحث عنه بنفسه، بل ويجهد للعثور عليه في تفاصيل حياتية معيشة كثيرة، أما الإحساس بها فيأتي من مصادر مادية محسوسة بإحدى الحواس المعروفة، سواء صدرت عن الفرد، أم وصلته من الآخر، ولعلي سقت مفردة السعادة في هذه المقالة، ليس فقط لحجم الكوارث والأهوال والفظائع والحروب والمآسي على اختلافها وتعدد مسبباتها والتي نعيشها منذ حوالي عقد من الزمن، وغيرنا من الشعوب تعيشها لعقود، كالشعب الفلسطيني مثلاً وأزمة الإنسان الفلسطيني داخل الوطن وفي الشتات، بل لطالما شغلت هذه القضية تفكير الإنسان، حتى بات أهم أهداف البشر على الأرض منذ مجيئهم للحياة هو البحث عن السعادة، أو خلقها أو إيجادها أو صنعها، وحتما لا أسوق هذه المفردات الأخيرة كمترادفات متساوية وعبثاً، وخاصة حينما أتذكر ذلك القول المأثور، والذي قرأته ذات يوم في مجلة “العربي” الكويتية العريقة، في زاوية “واحة العربي” إذ يقول كاتبها الراحل “محمد مستجاب”: ” إنَّ السَّعادة إحساس وليست قدراً، أدركتُ هذا حينما رأيت وجهَهُ وقد داهمَهُ الاشمئناط، وهو ينزل من سيارته الفارهة، أمام منزله الفخم”، طبعاً هذا القول عميق بما فيه الكفاية لندرك أن المال لا يصنع السعادة، وأن المال ليس قدراً يقود للسعادة في الغالب، ولكن أيضاً لنتأمل في مفردتي الإحساس والقدر، ولنقدر بأن الأهم في السعادة أن تشعر حقاً وضمناً بأنك سعيد، وبكامل القناعة…
قد يكون المال وسيلة مساعدة للوصول إلى السعادة لكنه لا يصنعها وقد تقوم من دونه، وأعني بالمال الثراء الفاحش واعتبار المال كل شيء يؤدي للسعادة…
في قصة “القيصر والقميص” للأديب السوفييتي تولستوي، يمرض القيصر، ويعيي جميعَ أطباء وحكماء وفلاسفة المملكة مرضُهُ، وباتت حالتُهُ تزداد سوءاً، متعهداً بأثمن الهدايا والأعطيات لمن يستطيع مساعدته، إلى أن قال أمهرُهُم وأقدمُهُم وأكثرُهُم حكمة وتجربة، إن القيصرَ يساعدُهُ أن يرتدي قميصَ شخصٍ سعيدٍ، ولم يقدَّرْ لرُسُلِهِ وجنودِهِ وأُولي الأمرِ لديه، أن يعثروا على هذا الشخص “السعيد”، إلى أن تناهى إلى سمعهم بأن ثمة شخصاً يقوم يومياً إلى عمله فيجني أجره، ثم يبتاع به طعامه ولباسه وما يحتاج لزوم قوت يومه، ثم ينام في نهاية المساء قائلاً: “أنا شخص سعيد….لا يوجد من هو أكثر سعادة مني”، فتوجهوا إليه محملين بهدايا القيصر لمقايضتها بقميصه الذي سوف يساعد القيصر فيبرئه من مرضه، وعندما وصلوا إلى منزله وجدوه فقيراً جداً لدرجة أنَّ ليس لديه قميص”، وهنا يضع الأديب الكبير يده على مكمن السر ومستودع الداء وهو أن السعادة إحساس وليست قدراً…
والإنسان بطبعه يبتكر المعجزات ويجترح الدواء من مكمن الداء ويبتكر الأمل من قلب الألم، فما علينا نحن السوريين بعد أن هزمنا أعتى وأشرس الهجمات الاستعمارية الاستباحية إلا أن نتخلص من آلامنا بل ونبحث عن لحظات سعادة تواسي قلوباً ونفوساً ذاقت مرارات الحزن والألم والقسوة والشرور…
انتهيت من قهوتي الصباحية مع صديقتي الأديبة الحميمة، وثمة لمحة من حزن لاحت في بريق عينيها، فقلت لها ثمة ما يحيل هذا الإحساس إلى سعادة وهو أن نكتب جرحنا، فذلك الخيط الدقيق الوثيق بين روحك وقلبك وعقلك، ينساب في حبر على فم قلم، لهو ما يصنع لنا نحن الأدباء السعادة ولو استحال كل ما حولنا إلى ركام يبعث على الحزن والتعاسة، أن تكتب ألمك، وأن تخرج جرحك من بوتقة ألمك فيصير قصيدة أو قصة أو عبرة لهو مكمن شعور بالسعادة لنا ولغيرنا…
عيشوا أيها السوريون آلامَكُم، واكتُبُوها، وأخرجُوها من مكامنِ جراحاتِكُم الثَّخينة، ابحثُوا عن خيطِ السَّعادة في تفاصيلِ حياتكم، عن بسمة طفل، أو رجاءِ يتيمٍ، أو رضا أخٍ لكم الإنسانية، نظيرٍ لكم في الخَلق”، هكذا نتجاوز مأساتنا والزمن كفيل بما يتبقى.

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات