تداعيات اجتماعية ومادية تلقي بمسنين خارج عباءة العائلة

الثورة أون لاين -منال السماك:
“لا مكان لها بيننا فقد أتعبنا تتابع موجات مرضها و لا طاقة لنا بتحمل تداعيات وهن جسدها و سئمنا شيخوخة عقلها” ، و بقرار عائلي توصل إليه الستة عشر من الأخوة و الأخوات ينبغي أن تخرج اختهم الأكبر سنا أمهم الثانية “سامية” من تحت عباءة العائلة لتلقى مصيرها في خريف عمرها في بيت غريب لا يمت لها بصلة رحم و لا بقرابة لحم و دم ليكونا بيتا مستعارا برعاية امرأة بأجر شهري يسند عجزا ماديا لأرملة ويقي مسنة من فاجعة رميها في دار للعجزة.
جحود و نكران ..
” إنهم قساة قلب جاحدون لتضحيات سنوات صباي و ناكرون لسهر الليالي في تربيتهم و من ثم تربية و رعاية أبنائهم و القيام بخدمة زوجاتهم سعيا لكسب رضاهم ، لقد كنت لهم جميعا أما ثانية ، حيث كنت المعينة للوالدة التي أنجبت الكثير من الأبناء و البنات ، نسيت نفسي في زحمة المسؤوليات الكبيرة فلم أتزوج لا سند لي من ولد او بنت ، لطالما واسيت نفسي بأن أخوتي لن يخذلوني و سيكونون لي ظهرا أستند إليه في سنوات شيخوختي ، و أبناؤهم حتما لن يهمولني في ضعفي ووهني ، فسخيت بالعطاء و بذلت الغالي و الرخيص لرعايتهم وخدمة زوجاتهم ، و لكن رياحي لم تجر كما تمنت سفن عمري المهترئة ، لأغرق في المرض و أغوص بالعجز ، فبت كرغيف خبز متكسر يتقاسمونني شهريا رغما عنهم ، يتقاذفونني ككرة مثقوبة و الشاطر من يخرج كالشعرة من العجين لينجو بنفسه من دوره باستضافتي و بينهم و بين أنفسهم يتمنون موتي .
مسنون كثر يلوذون في زوايا معتمة بعيدا عن الرعاية يصفع سنوات شقائهم خذلان أقرب الناس و يؤلمهم تنكر الأبناء و الأرحام .
و أم أحمد الامرأة السبعينية ليست بأحسن حال من سابقتها ، فالأبناء و البنات كل منهم يلقي بها للآخر بذريعة أن ” الكنة ” ليست مجبورة على القيام بخدمتها ، بينما البنات يدفعن المسؤولية عن أنفسهن بأن ” الصهر ” من غير المعقول أن يستضيفها للإقامة لديه بينما لها من الأبناء أربعة ، ليكون الرصيف ملاذها القاسي ، خشية أن تكون سببا في خراب بيوت أبنائها .
دار المسنين كان الحل الأخير و الأكثر إيلاما للتخلص من أبي ياسين ، فرغم كثرة الأبناء إلا أن بيوتهم ضاقت ذرعا في استضافة سنواته الثمانين ، و كأي مسن ذي احتياجات خاصة بات مصدر خزي للأبناء الذين حاولوا جهدهم عزله اجتماعيا خلف جدران مغلقة خشية السخرية ، و ها هو وحيدا يعد أيامه للرحيل قهرا و فقدانا للمة العائلة بينما هو كبيرها.
لم استطع المرور دون ان اعير اهتمامي لدعواته المرتجفة لشراء شيء مما يبيعه على عتبة محل ، بين بضاعته تاهت عبوات ادويته ، بينما يرتجف بردا ، لم تشفع له سنوات عمره التي ربما تجاوزت السبعين من الاستكانة لراحة آخر سنوات العمر ، و التمتع بغذاء يحمي جسدا واهنا من أمراض خريفه الموحش ، قال لي .. الحياة صعبة و أولادي بالكاد يشبعون أولادهم ، و كل منهم مستأجر غرفة أو بيت على العظم ، و لا يستطيعون الصرف على طعامي و ادويتي .
في زاوية مضيئة تعيش أم عرفان ذات الخمسة والسبعين عاما ، يسعى الأبناء و البنات لنيل رضاها ، و يتسابقون لخدمتها و رعايتها ، يتخاطفونها لاستضافتها كل أسبوع في بيت واحد منهم لتحظى بالتمتع بقرب الأحفاد ، بينما تخونها ذاكرتها و تعيش حالة زهايمر لا يخجل منها الأبناء ، و لكنهم ربما فاتهم حاجة المسن للاستقرار المكاني و النفسي ، بينما طغت حالة الحب و السعي لنيل الرضا و رد المعروف لأم مضحية .
تقول دعاء الباشا الاختصاصية في علم الاجتماع : تداعيات اقتصادية و اجتماعية ألقت بظلالها على أكثر فئات المجتمع هشاشة و أشدهم حاجة للرعاية ، فكانوا الخاسر الأكبر من تراكم الضغوطات المعيشية و فقدان سبل الرعاية الصحية و النفسية ، فالابناء ربما في حضن غربة و تواصل الارحام الكترونيا لا يتقنه المسنون ، و بر الوالدين بمبالغ مادية آتية من وراء البحار ، لا يبعد شبح الوحدة و لا يضمد اشتياقا و لا يروي تجاعيد العمر أو يشفي تشققات الزمن ، المسنون في وقتنا الحالي يعيشون ظروفا استثنائية صعبة للغاية ، فقد كثرت هجرة الأبناء و زادت الضغوطات المادية إلى درجة الفقر و العدم ، و ضاقت المساحات المنزلية في ظل نزوح مازال يلقي بظلاله على اكثر الاسر السورية ، كما شهدت المنظومة الأخلاقية و القيمية اهتزازات كبيرة ، فتراجعت العلاقات الاجتماعية لتشهد تقطع أرحام و برودا في التواصل الاجتماعي ، كما قست القلوب على المسنين من الآباء و الأمهات إما لضيق ذات اليد ، أو تفاديا من غضب زوجات الأبناء و أزواج البنات ، و بالنتيجة تزداد شريحة المسنين هشاشة و ضعفا و جحودا و نكرانا.

آخر الأخبار
منتخبنا يلاقي ميانمار ايابا.. تفوق نظري لحسم التاهل المبكر لآسيا ٢٠٢٧ كنان العظمة في "نصف القمر" عندما يتحول المنزل إلى معرض فني نابض بالحياة بلال شوربة.. يجسد صوت الثورة السورية بفنه عندما يُكتب الفساد بالحبر الرسمي.. ملف استيراد القمح نموذجاً بالتعاون  مع "  NRC".. "تربية" حلب تنهي تأهيل مدرسة سليمان الخاطر مزايا متعددة لاتفاقية التعاون بين المركز القطري للصحافة ونادي الإعلاميين السوريين تعزيز التعاون السوري – الياباني في مجالات الإنذار المبكر وإدارة الكوارث   تطبيق السعر المعلن  تطبيقه يتطلب مشاركة التجار على مدى يومين ...دورة "مهارات النشر العالمي" في جامعة اللاذقية مشروع قرار أميركي في مجلس الأمن لرفع العقوبات عن الرئيس الشرع في “60 دقيقة.. الشرع يقدّم نموذج القيادة السورية: صراحة في المضمون وحنكة في الرد إعادة الممتلكات المصادرة  لأصحابها تعيد الثقة بين الحكومة والمواطنين افتتاح مشروع لرعاية أطفال التوحد ومتلازمة داون بمعرة مصرين "تموين حلب" تبحث ملفات خدمية مشتركة مع "آفاد" التركية من دمشق إلى أنقرة... طريق جديد للتعاون مشاركة سورية في حدث تكنولوجي عالمي بعد غياب لسنوات إعلام بريطاني: خطة ترامب هشة وكل شيء اختفى في غزة جائزة نوبل للسلام.. من السلام إلى الهيمنة السياسية هل يستطيع ترامب إحياء نظام مراقبة الأسلحة الاستراتيجية؟