سمر الحلو في مركز الفنون البصرية .. لوحات لإثارة الجدل في أوساط المتابعين

الثورة أون لاين – أديب مخزوم:

معرض الفنانة التشكيلية سمر الحلو ، في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق ، تضمن مجموعة من مطبوعات محفوراتها ( شاشة حريرية ، وحجرية ومعدنية وخشبية ورقمية) .
وقد جاءت معظم اللوحات بالأسود والأبيض وتدرجاتهما ، اضافة إلى بعض اللوحات المضاف إليها لون أو أكثر ، ومن ناحية الموضوعات تقع اللوحة بين التصريح والتلميح ، وبين المرئي والمحسوس ، وتتركز على العناصر الإنسانية ورموز الطبيعة وصولاً إلى اللوحات التي تقترب من التجريد ، رغم ارتباطها بالواقع ، حتى في أقصى حالات الإيجاز والاختصار .
* بالمختصر المفيد
وتجربتها تبرز قدرة تقنية لافتة في الحفر والطباعة والرسم على الكليشة من غير أن تقع في أفكار مستهلكة ، حيث تقدم في الغالب أجواء تشكيلية عفوية ، يظنها المشاهد للوهلة الأولى أنها تجريدية ، الا أنها في الحقيقة تنطلق من الواقع ، ذاهبة إلى البحث عن تركيب المساحات المتجاورة والمتداخلة ، وحين تكثف العناصر في اللوحة تكون قد تخلصت من الفراغ أو البياض أو نسيج الورقة الخام ، الذي هو جزء في لوحاتها المطبوعة .
ولا يقتصر اعتمادها هنا على تناثر البقع والإيقاعات والحركات الرمادية في المساحة وتداخلها مع البياض المحيط بها ، بل تعتمد على المساحات اللونية الشفافة والناتجة عن خبرتها التقنية (فالتشكيل في اللوحة المطبوعة قد يكون بسيطاً جداً ، لأن الهدف يكمن في مدى القدرة على إظهار حساسية وجمالية الطباعة الحفرية ، حتى في أقصى حالات العفوية والاختزال) .
هكذا تذهب إلى اكتشاف تشكيل طباعي فيه روح وحركة الأشكال ، بل وتذهب قبل أي شيء آخر إلى سبر أغوار العناصر الإنسانية والمشاهد الطبيعية .
ولعل هذا الإيقاع أو تلك الرغبة البادية في ابتداع تكوينات لها علاقة بثقافة فنون العصر ، وهذه التشكيلات المعبرة عن ذات الفنانة ، والتي تحمل توقيعها ، أضفت حركة راقصة ، كونها تتهافت بعفوية كاملة ، وتعبر بالمختصر المفيد عن انفعالات شاعرية نرى فيها أشخاصاً أو طيراً أو مشهداً خلوياً أو عناصر أخرى .
ولقد اعتمدت في بعض لوحاتها أسلوب التهشير ، أو أسلوب العمل الفني التي يعتمد على اللمسات الخطية المتتابعة ، وهي ترسم المشاهد وتبسطها إلى الحد الذي يجعل بعض لوحاتها تنفتح أحياناً على مساحات وحركات ضبابية واسعة ، تظهر من خلالها التلال والأشجار وغيرها .
* تنوع التقنيات
هكذا تعتمد على مبدأ الرسم التلقائي والعفوي أو مبدأ الانحياز نحو الاختصار والتبسيط والاختزال ، على كليشات متنوعة الخامات ، من أجل الوصول إلى حالة متداخلة بين المرئي والمحسوس ، مبتعدة عن تفاصيل المشهد المرسوم على الطرق التقليدية المتبعة في الرسم الكلاسيكي والواقعي ، وهذه اللوحات ، وظفت فيها خلاصة وثمرة خبرتها التقنية الأكاديمية .
فالفضاء الطبيعي الرحب يتحول من حالة إلى حالة ، في ظل الابتعاد والاقتراب من الصياغة الواقعية . حيث تميل إلى التعبيرية التي تزاوج بين ملامح المشهد الخلوي وبين مؤشرات التجريد ، الذي يظهر في بعض أجزاء اللوحة ، حيث لا فواصل ولا حدود هنا بين حضور ملامح الأشكال ، وبين غيابها أحياناً في بعض أقسام اللوحة .
وهي تتجه لتمتين علاقتها بإيقاعات النغم الموسيقي البصري (المقروء بالعين) وبالمواضيع المحببة والأجواء الشاعرية والمناخات المتقاربة ( تدرجات لون أو لونين أو ثلاثة ألوان أو أكثر في اللوحة الواحدة ) وبالعلاقات التشكيلية التلقائية ، في حركاتها المتنوعة والمتدرجة الى حدود التعتيم الضبابي ، كل ذلك في خطوات تنقلها بين الواقع والتجريد للوصول إلى مايثير الجدل والنقاش في أوساط المتابعين والمهتمين والنقاد والفنانين .‏
هكذا نستطيع الحديث عن اختراق المظهر السطحي للطبيعة ، في خطوات البحث عن التركيب الداخلي، الذي يوازن في أحيان كثيرة ما بين إشارات المظهر التعبيري، وحركات اللمسات اللونية التجريدية ، التي تأتي من ضربات ولمسات وحركات عريضة في أحيان كثيرة ، وهي هنا تختبر حساسية الأحبار ، قبل توضعها على سطح اللوحة، ويمكن أن تطبع منها عدة نسخ ، ومن المستحيل أن تتطابق هذه النسخ ، وإن تشابهت ، ولهذا فهي ترسم بحرية وتغوص في تجربة تعبيرية متحررة تدمج ما بين الأشكال الطبيعية والتكاوين التجريدية وما تعكسه من تداعيات طفولية تزيد من أجواء الحرية والتلقائية .
* الإنسان المعلق في الفراغ
وكمجمل فناني الحفر أو الرسم المطبوع تصل من خلال الكليشة الواحدة ، إلى عدة نسخ محددة بالأرقام في أسفل اللوحة ، تحددها فروقات لونية وخطية شديدة الحساسية ، وهذه الحساسية تتعمق ، يوماً بعد آخر ، وتمنحها خصوصية ، وتجعلها تغرد خارج السرب ، لأن أكثرية الفنانين يرسمون بالزيت والأكريليك والمائي ، ومعارض اللوحات المحفورة أوالمطبوعة ، تبدو قليلة قياساً الى الكم الهائل من اللوحات المرسومة بلمسات لونية مباشرة ، والتي تتدفق على معارض الفن التشكيلي . 

وتبدو في بعض لوحاتها الجديدة ، أكثر اقتراباً من مظاهر الدمج بين الرسم والنحت ، وبعبارة أخرى هي ترسم وتطبع عناصر إنسانية قريبة من النحت ( مثل المقطع المنشور على غلاف دليل معرضها ) في حالات تفاعلها مع أجواء ودرجات لونية مختلفة ومتنوعة ، وفي خطوات تأويلاتها الثقافية الحديثة .‏
هكذا تتمسك بالموضوع في تجلياته وإيقاعاته المتنوعة للوصول إلى لوحة تشكيلية حديثة تحقق في أحيان كثيرة مسألة الغوص في التلخيص والتبسيط باحثة في أجواء اللون الرمادي في أكثر الأحيان عن عوالمها الداخلية ، فتتحول الأشكال إلى اختصارات فيها بعض المساحات الملونة أحياناً ، رغم بروز الألوان الخافتة ، المنتمية إلى الواقع الرمادي المعاش في كل لحظة ( حتى أنها في بعض عناصرها الإنسانية المعلقة في الفراغ ، بطريقة مقلوبة) تنتمي بكل مشاعرها وأحاسيسها لواقعنا المأساوي والمفجع .‏
وهذا يعني أن لوحاتها ، تحمل مواصفات البحث عن لغة فنية مرتبطة بالواقع الراهن وبهواجسها الثقافية ، لأن اللوحة الحديثة هي ثقافة قبل أي شيء أخر ، قائمة على أساس التمرد والرفض لمجمل الطروحات الصالونية الجاهزة، وبالتالي فهي تقدم نفسها بجرأة الفنانة الواثقة من بحثها عن طروحات فنية وثقافية حديثة ، متطورة من ذاتها ولذاتها ، خارج إغراءات السوق الفني الاستهلاكي

آخر الأخبار
مياه دمشق وريفها".. بحث التعاون مع منظمة الرؤيا العالمية حمص.. الوقوف على احتياجات مشاريع المياه  دمشق.. تكريم ورحلة ترفيهية لكوادر مؤسسة المياه تعزيز أداء وكفاءة الشركات التابعة لوزارة الإسكان درعا.. إنارة طريق الكراج الشرفي حتى دوار الدلّة "اللاذقية" 1450 سلة غذائية في أسبوع أهال من درعا ينددون بالعدوان الإسرائيلي على دمشق ‏الحوكمة والاستقلالية المؤسسية في لقاء ثنائي لـ "الجهاز المركزي" و"البنك الدولي" المستشار التنفيذي الخيمي يدعو لإنشاء أحزمة سلام اقتصادية على المعابر وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج هل سيضع فوز الليبراليين في انتخابات كندا حداً لتهديدات ترامب؟  بمبادرات أهلية تركيب 60 جهاز إنارة لشوارع دير الزور