عادت طوابير السيارات إلى الواجهة من جديد أمام محطات الوقود في مشهد يومي شاهدناه أكثر من مرة، وكذلك الازدحام أمام الأفران، أما المازوت فمشي السلحفاة وقد ملَّ الناس انتظار الدور الذي لا يطبق بعدالة أبداً، فهناك من تمكن من تعبئه مخصصاته من المازوت بطريقة أو بأخرى رغم أن هناك الكثيرين ممن سجلوا قبله بأشهر…!!.
إذاً نحن أمام مشكلة خدمية ضاغطة تلامس جوهر وأساس معيشة المواطن، تتمثل في تأمين الخبز والمازوت والبنزين إلى جانب الغاز، التي انتظمت إلى حد ما عبر الرسائل رغم أنها تأخذ شهرين وأكثر، هذه المعضلة الخدمية فشلت الجهات المعنية بها بإدارتها، والتخفيف من وطأتها فشلاً ذريعاً حتى في حدود المتوافر وترتيب الأولويات.
ولو عدنا إلى المشهد اليومي لحركة هذه الخدمات وسبل تأمينها فإنه يتأكد لدينا بما لا يدع مجالاً للشك بأن المواطن ومنذ سنوات يعاني من إجراءات الحصول على هذه الحاجيات الضرورية التي لا يمكنه على الإطلاق الاستغناء عنها رغم أنه تم اختراع بعض الأساليب البدائية البديلة كإجراء واقعي فرضته الظروف والضرورة كالاعتماد على الحطب مثلاً في الطهي والتدفئة رغم صعوبة الحصول عليه وتكاليفه المرتفعة وفي الإنارة لم تعد الشمعة تؤدي غرضها وغابت وسائل الإنارة القديمة البسيطة لعدم قدرة المواطن على شرائها وتأمين مستلزماتها أيضاً…!!.
أما البنزين الذي يساهم كثيراً في زيادة واتساع أزمة المواصلات فحدث ولا حرج، حيث يصبح المجال واسعاً جداً للاستغلال والابتزاز في ظل قوة شرائية معدومة للمواطن الذي يضطر إلى استخدام شتى الأساليب حتى التي لا يرغب بها ولا تليق كي يصل عمله أو يذهب لجامعته والأماكن التي له فيها حاجة وضرورة حياتية مباشرة.
نعم وبالتأكيد إن السبب الرئيسي والمباشر لتلك المعاناة هو الحصار الظالم التي يعاني منه الوطن منذ سنوات ويأخذ أشكالاً وأدواراً متعددة والمواطن يدرك ويعي هذا جيداً بعمق، لكن أن يستغل البعض هذه الظروف ويسهم من حيث يدري أو لا يدري بتفاقم المعاناة وزيادة أثرها وتأثيرها خاصة في سوء إدارته وطريقة تعامله في مثل هذه القضايا، فهذا أمر في غاية السوء وهذا ما نلاحظه في بعض القرارات والإجراءات العشوائية والاعتباطية التي يتم إصدراها ومنها ما يزيد الأمر سوءاً والأمثلة كثيرة لا تحتاج إلى تعداد، فقط يلزمنا إدارة عقلانية واقعية وحسن تصرف وحس بالمسؤولية ليس فقط من جانب واحد بل من جانب طرفي المعادلة، وإذا كان تخفيض كميات البنزين والمازوت الموزعة تم بشكل مؤقت ريثما تصل التوريدات الجديدة كما صرح مدير عام المحروقات فلا بأس، أما أن تبقى هذه الأزمات هاجساً وهمّاً دائماً بفعل بعض الإدارات الفاشلة والتجارب على حساب هموم الناس وأوجاعها من دون أي معالجة فهذا ما يوجع أكثر ويدعو للتساؤل والعجب..؟!!.
زاوية حديث الناس
حديث الناس- هزاع عساف