ثمة من يروج في وسائل الإعلام الغربية أن الرئيس الجديد للولايات المتحدة جو بايدن، الذي سيتم تنصيبه اليوم، سوف يعيد لأميركا هيبتها المفقودة، وسيخرجها من الأنفاق المظلمة والمستنقعات الخطيرة التي أدخلها بها دونالد ترامب طيلة أربع سنوات من حكمه، لكن السؤال الجوهري هنا: هل حقاً تتغير سياسات أميركا بتبدل وجوه رؤسائها؟!.
وهل يختلف بايدن عن ترامب وبوش وأوباما وكارتر وغيرهم ممن رحلوا أم أن القضية لا تعدو كونها تبديل “كومبارس” البيت الأبيض الذي ينفذ السياسات العامة لأميركا، ويحاول تطبيق أجندات الحكومة العميقة القابعة في الظل، وبكل حذافيرها التي تفرضها الشركات الاحتكارية وأصحاب رؤوس الأموال؟!.
الإجابة عن هذا الأمر لا تحتاج إلى كثير عناء لإخراجها إلى الضوء، فأميركا العدوانية والإرهابية بحق شعوب العالم ظلت هي أميركا رغم تبدل كل الوجوه التي ذكرناها، ولم يعهد العالم يوماً تبدلاً جوهرياً أرساه رئيس دون آخر.
من هنا يجب على أبناء منطقتنا تحديداً عدم التعويل على بايدن في طي صفحة أميركا العدوانية حيال قضايانا، بل كل التسريبات والتصريحات الصادرة عن فريقه الذي اختاره لقيادة الوزارات والملفات تشير إلى أن الأخير لن يسحب مثلاً قواته المحتلة من سورية، وأنه سيفعّل إجراءات وإرهاب “قيصر” ضد السوريين، وأنه سيستمر بدعم الانفصاليين والتنظيمات الإرهابية تحت الذرائع السابقة التي انتهجها ترامب خلال ولايته، وربما نراه أسوأ من ترامب وهو يستنفر “حظر الكيميائية” و”حقوق الإنسان” ومجلس الأمن الدولي لإصدار التقارير الملفقة حول سورية واتخاذها ذريعة للعدوان وتشديد الحصار والعقوبات عليها.
ويجب على الفلسطينيين أن لا يعولوا على بايدن في إنصافهم، أو إعادة حقوقهم وطي صفحة صفقة القرن المشبوهة، بل أن يعولوا على وحدة صفهم ومقاومتهم، كما يجب على دول المنطقة برمتها أن لا تعول على تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع حول نية بايدن في التغيير الإيجابي المزعوم، بل على الجميع أن يتوقع أن يتفوق على سلفه بالبلطجة وهضم حقوق الآخرين، ولن ينقذ أميركا والعالم من الغرق، لأن سياسات بلاده العمياء تسير إلى الطوفان دون تبصر أو بصيرة.
وأكثر من ذلك ربما نجد بايدن وهو يصرّ على الانسحاب مثلاً من اتفاقية باريس للمناخ ومن الاتفاق النووي مع إيران كما فعلها ترامب، ويصرّ على قطع التمويل عن منظمة الصحة العالمية، ويصرّ على افتعال الأزمات والحروب.
وربما نراه أيضاً وهو يزايد على ترامب في رفع شعار “أميركا أولاً” وبابتزاز الخليج ونهب أموال إماراته، ويتفوق عليه بإصدار قرارات مزيفة عن سيادة إسرائيل على الجولان والقدس وربما أيضاً على الدار البيضاء ومقديشو والإسكندرية وبنغازي وصنعاء ومكة والرياض، وباختصار شديد تتبدل وجوه “الكومبارس” الممثلين للحكومة العميقة ويدخلون إلى البيت الأبيض ولكن تستمر السياسات العدوانية بحق العالم ذاتها، والعاقل يتعظ بما جرى في الواقع على مدى عقود!.
بقلم مدير التحرير أحمد حمادة – من نبض الحدث