الثورة أون لاين – تحقيق فادية مجد:
مضت سبعة أشهر على جائحة مرض التهاب الجلد العقدي ، أو ما يسمى بجدري الأبقار ، والتي تعرضت لها قطعان الأبقار في محافظة طرطوس ، وكان من نتائجها خسائر فادحة لفلاحينا مربي تلك الأبقار ، والذين فقدوا بنفوق أبقارهم مصدر رزقهم ومعيشتهم ، بعد أن دفعوا كل مايملكون من مال لديهم واستدانوا ، أو باعوا أراضي لهم لشرائها .
وعود أعطيت لهم بأنه سوف يتم تعويضهم من قبل الجهات المعنية ، ولكن حتى تاريخه لم يتم الوفاء بتلك الوعود ؟!!
ورغم مرور أشهر عديدة ، ووعود كثيرة قدمت لهم ، مازالوا معلقين بتلك الآمال والوعود ، ويأملون النظر بظروفهم الصعبة ، والخسارة الكبيرة التي حلت بهم لانقطاع مصدر رزقهم ، وتقديم العون لهم والتعويض المناسب الذي يتكفل بتجاوز المحنة التي أصابتهم …
أحاديث ذات شجون وشكوى وألم وضيق حال ، العناوين العريضة لمن تواصلنا معهم من مربي الأبقار النافقة …
* المربون يشكون
حسن جمول _ مدينة القدموس _ حارة بيت زينو _ نفقت عنده ثماني بقرات بمرض جدري البقر ولم يتم التعويض له حتى الآن ، رغم مراجعته للوحدة الإرشادية التابع لها وعدة جهات أخرى ، والذين كان جوابهم الوحيد له يقتصر على (لم يصلنا أي شيء … رفعنا اسماءكم) .
يقول حسن بحرقة : نفوق ثماني بقرات لي قصم ظهري ، خسارتي كبيرة جداً ، ولم ينظر أحد بوضعي وسوء أحوالي المادية جراء فقدان مصدر رزقي الذي كنت أعيش منه ، مشيراً إلى أن الشيء الوحيد الذي قدم له كان عبارة عن عبوتين من الفيتامينات والأملاح لبقرتين بقيتا عنده سليمتين حتى لا ينتقل مرض جدري البقر إليهما .
وطالب حسن الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الزراعة النظر بأحواله وأحوال من نفقت الأبقار عندهم
والتعويض لهم ، فقد طال انتظارهم ، وضاقت أحوالهم المادية بعد الخسارة الكبيرة التي تعرضوا لها بفقدان مصدر عيشهم ، ولاسيما أنهم استدانوا المال لأجل شراء أبقارهم ليعيشوا حياة كريمة .
إدريس أحمد ملحم _ أبو هلال _ قرية الجوبة التابعة لمنطقة الشيخ سعد أب لشهيد ويقوم بتربية أبنائه بعد استشهاده ، والمعيل أيضاً لولد معاق وفتاتين وزوجته المريضة قال بحسرة : نفقت بقرتان عندي بمرض جدري البقر وقد اشتريت إحداهما بالتعويض الذي قدم لي بعد استشهاد ولدي .
يتوقف العم أبو هلال عن الكلام قليلاً بعد أن غص بالكلام ثم يتابع قائلاً : أحوالي المادية صعبة جداً ، فقد صرفت مبالغ باهظة استدنتها لعلاج إحدى البقرتين ، لأن البقرة الأولى نفقت بسرعة ، ولم أكن أعلم سبب نفوقها في ذلك الوقت .
وقد راجعت الجهات المعنية وقدمت الأوراق اللازمة من اجل تعويضي ، ولكن لا جواب ولا تعويض حتى الآن ، وقد شبعت وعوداً دون فائدة .
وأضاف : ظروفي سيئة للغاية .. فقدت مصدر رزقي ومعيشتي في الحياة ، ولدي مصاريف لولدي المعاق ومنزلي يرشح بالماء ولا طاقة لي لإصلاحه ، أرجو من المسؤولين في وزارة الزراعة تعويضنا عن خسارتنا والرأفة بأحوالنا .
عصام سليمان _ قرية مشرفة كحلة _ قال : نفقت بقرة عندي بجدري البقر مطلع الصيف الماضي ، وقد كلفتني مصاريف علاج لها خلال فترة الإصابة مبالغ باهظة ، وفي النهاية خسرتها وفقدت مصدر رزقي .
وتابع عصام : حالات كثيرة لأبناء قريتي نفقت عندهم الأبقار نتيجة إصابتها بالمرض ، مبيناً أن بعض من نفقت عنده كان قد باع أرضه لشراء تلك الأبقار ، والنتيجة خسروا مصدر رزقهم وأي مورد آخر يعتاشون عليه في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ، لافتاً إلى أن المساعدة الوحيدة التي قدمت لهم كانت عبارة عن مضخة عشرين ليتراً لرش الحشرات والذباب في حظائر البقر ، وتقديم بعض الإرشادات .
وتساءل قائلاً : وعدونا بالتعويض في تلك الفترة وقدمنا الأوراق المطلوبة منذ الصيف الماضي وحتى الآن لم يصلنا أي تعويض ؟! نأمل من الجهات المعنية الإسراع بتعويضهم عن خسارتهم الكبيرة .
المحافظة أحصت وطلبت
لمعرفة تفاصيل أكثر عن الاجراءات والمساعدات التي قدمت من قبل محافظة طرطوس خلال فترة جائحة جدري البقر تواصلت (الثورة) مع عضو المكتب التنفيذي المختص بقطاع الزراعة راتب ابراهيم والذي أفاد قائلاً: أنه منذ بداية الجائحة في شهر حزيران من العام الماضي تم تشكيل لجان على مستوى كل قرية مؤلفة من المختار والجمعية الفلاحية والوحدة الإرشادية في كل قرية .وكانت مهمة هذه اللجان توثيق كل حالات النفوق التي تقع ضمن قطاع عمل اللجنة بموجب محاضر رسمية
وكذلك أيضا مهمتها التخلص من القطيع النافق بشكل فني من خلال عملية الطمر والحرق .
وعن المساعدات التي قدمت لمربي تلك الأبقار المصابة والتي نفقت أثناء فترة جائحة مرض جدري الأبقار بيّن ابراهيم تم تأمين كمية كبيرة من الأدوية والمبيدات والفيتامينات ووزعت على القطيع من خلال اللجان التي شكلت في كل منطقة وناحية وقرية انتشر جدري البقر فيها .كما تم أيضا توجيه مديرية الزراعة للقيام بكل ما يلزم من إرشاد وتوعية ومراقبة وعلاجات .
ورداً على سؤالنا هل سيتم التعويض لهؤلاء المربين الذين خسروا مصدر رزقهم بعد الوعود التي قيلت بهذا الخصوص ؟ أشار ابراهيم الى أنه تم إعداد المراسلات اللازمة بخصوص طلب التعويض من قبل الحكومة كون الإحصائيات متوفرة لدينا وموثقة بشكل رسمي .
وأضاف ابراهيم : لقد تم تنظيم جداول أسمية بأسماء المربين للقطيع النافق وجداول للقطيع المنسق من الأبقار وتم مخاطبة رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الزراعة للنظر بإمكانية التعويض على المربين، والموضوع قيد الدراسة حالياً من قبل الحكومة ولفت إلى أنه بلغت حالات النفوق المثبتة بالوثائق ٧٤٥ حالة والنفوق غير المثبت ١٠٥ حالات، كما يوجد أيضا حوالي ٣٠٠ حالة تنسيق (سيقت للذبح).
اتحاد الفلاحين
من جهته رئيس اتحاد فلاحي طرطوس محمود ميهوب أوضح أنه حتى تاريخه لم يتم التعويض للأخوة الفلاحين مربي الأبقار عن الضرر الكبير الذي أصابهم والذي أثقل كاهلهم كون أسعار الأبقار مرتفعة جداً، وأكثر المربين لا يمتلكون القدرة على شراء أبقار جديدة بدلاً عن أبقارهم النافقة.
لافتاً الى أن ما تم تقديمه لمربي تلك الأبقار خلال فترة الجائحة كان عبارة عن منحة مالية من محافظ طرطوس بقيمة عشرين مليون ليرة لتقديم معقمات ومطهرات لمربي الأبقار .
وعن دور اتحاد فلاحي طرطوس وتواصلهم مع مربي الأبقار النافقة ذكر أنهم قاموا بمتابعة حالات الإصابة وتواصلوا مع الأخوة الفلاحين المربين أثناء فترة الجائحة، وخاطبوا الاتحاد العام للفلاحين والجهات الرسمية بضرورة النظر بأوضاع مربي الأبقار النافقة وتعويضهم عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم .
وختم كلامه بالقول بأنه يجري العمل لتأسيس صندوق للتأمين على الماشية على مستوى القطر، وقد رصد الاتحاد العام للفلاحين لهذا الصندوق مبلغ مائة مليون ليرة، والصندوق حاليا في مرحلة التأسيس نتمنى ان يتم الانتهاء من تأسيسه قريباً