من يتابع ما يجري في المنطقة، دون أن يقرأ ما كان منذ قرون مرت، بل يمكن القول منذ آلاف السنين، من يفعل ذلك يظن أن الوحوش التي تصخب حولها سوف تبتلعها خلال ساعات قليلة، ولن يبقى منها -المنطقة- سوى عظام ستكون مع الأيام شاهداً على أن العدو قد انتصر على أبنائها، وحضارتها وثقافتها الإنسانية.
لكن الواقع ليس كذلك، فقرن وأكثر من الحروب المختلفة التي شنها الغرب على الوطن العربي، يقدم الحقائق التي لايمكن إنكارها، هزم الاستعمار الاستيطاني، وقد حسب الغرب أنه امتلك الأرض وقضى على من فيها، وبعد هزيمته وطرده، تلونت أساليبه من استعمار اقتصادي، وثقافي، إلى الأدوات الجديدة التي أيضاً ترنحت على عتبات الأرض، واليوم يعود من جديد ليجرب أدوات جديدة.
عدوان مباشر، واحتلال للأرض والمقدرات، ولايختلف الأمر عما كان سابقاً، إلا بالتضليل الذي يمارسه والعمل على إيجاد ذرائع باسم المؤسسات والمنظمات الأممية التي تسوق شعاراته ومصطلحاته الفارغة التي عجزت أيضاً عن أداء دورها كاملاً، فكان العويل والصراخ والتهديد بشن الحروب، وبالوقت نفسه العمل على تشغيل الأدوات الرخيصة التي عمل على تأسيسها بمسميات مختلفة، من داعش إلى جبهة النصرة، قسد التي تمثل ذراعاً متقدمة للعدوان الأميركي، ظنت أنها بمنأى عن الهزيمة والعقاب والحساب الذي سيكون قريباً.
أن تحاصر السكان المدنيين وتمنع الماء والشراب والطعام والدواء، أليس هذا عملاً جنونياً، وأبعد من ذلك أنه حرب إبادة جماعية، هي تحت حماية الاحتلال الأميركي وبدعم مباشر من الكيان الصهيوني، وما نسمعه من صخب وتهديد، والإعلان عن زيارات ولقاءات بين الكيان الصهيوني (عصابات الحرب) ومسؤولين أميركيين بدعوى مناقشة قضايا إستراتيجية حساسة، هذا ليس إلا محاولة دعم مباشرة للإرهاب والعدوان القسدي، ومحاولة يائسة بأدوات العجز والجنون، لتحقيق ولو شيئاً بسيطاً مما عملوا عليه، لكنهم نسوا وتناسوا أن هذه الأرض منذ أن كانت ابتلعت كل عدوان، ووقائع التاريخ تشهد على ذلك، وإن غداً لناظره لقريب.
البقعة الساخنة- ديب علي حسن