طمس الهوية العربية السورية، فرض سياسات “التتريك” البغيضة، التي عانى منها السوريون والعرب لقرون على أيدي السلاطين العثمانيين، احتلال الأراضي والمدن والقرى وتغيير هويتها وأسمائها، هو الشغل الشاغل لنظام أردوغان وقواته المحتلة في الشمال السوري هذه الأيام.
أما طريق الوصول إلى هذا الهدف الاستعماري فيتلخص بعدة خطوات، كل واحدة منها تعد جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، ومن هذه الخطوات العدوانية إلغاء التعامل باللغة العربية واستبدالها باللغة التركية في التعليم والمؤسسات التي تسيطر عليها القوات الغازية، وتغيير المناهج المدرسية، ومحاولة إحداث التغيير الديمغرافي وإحلال الإرهابيين التابعين لهم محل السوريين.
ومنها أيضاً فرض التعامل بالليرة التركية بدلاً من العملة الوطنية السورية في المناطق التي تحتلها تلك القوات الغازية، وتغيير أسماء الشوارع والبلدات إلى أسماء تركية، وإنشاء فروع لمؤسسات تركية فيها كما حدث في مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي حين أنشأت تلك القوات مركز بريد تابع لها، ونصب مجموعة من الأبراج لشركات اتصال تركية ورفع أعلام تركية على المقرات والدوائر الحكومية السورية.
واليوم يواصل هذا النظام العدواني خطوات “التتريك” تلك بافتتاح كلية طب ومعهد عال للعلوم الصحية يتبعان لجامعة العلوم الصحية التركية باسطنبول في بلدة الراعي بريف حلب، وهي خطوة خطيرة وخرق فاضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ورغم ذلك لم تتحرك المنظمة الدولية وبقيت مؤسساتها صامتة على هذه الجريمة النكراء.
لكن الذي فات أردوغان ونظامه التوسعي أن أوهامهم بالسيطرة على الأراضي السورية ومحاولات “تتريكها” تمهيداً لضمها لاحقاً، وتحقيق أطماعهم، وفرض قوانينهم على الأراضي التي يسيطرون عليها، لن تمر وسيكون مصيرها الزوال، ليس لأنها مخالفة لقواعد القانون الدولي فقط بل لأن السوريين يدركون جيداً كيف يطوون فصولها، ولهم أكثر من شاهد عبر التاريخ، وطي صفحة الاحتلال العثماني وسياسات “التتريك” خير مثال على مقاومتهم.
البقعة الساخنة- بقلم مدير التحرير – أحمد حمادة