يروي أحد الدبلوماسيين ، ومن باب الطرفة السياسية التي تعبّر عن واقع مر وأليم أن وزير الخارجية الأميركية الأسبق كولون باول صعد الطائرة الخاصة بوزارة الخارجية ، لكنه لم يحدد جهة ما ، يطير إليها ، وحين سأله قائد الطائرة : إلى أين نتجه ؟ رد باول : أينما أردت توجه ، ففي كل مكان لدينا ما نقوم به .
صحيح أن الطرفة جاءت سريعة رشيقة بلغة أكثر من مهذبة ، وربما في ترجمتها على أرض الواقع ، كان يجب أن يقول باول : أينما توجهت فلدينا أعواد ثقاب نشعلها ليبدأ الحريق ، نصب عليه الوقود ، ونبكي فوق رؤوس ضحايانا ، هذه الترجمة السياسية الحقيقية لكلّ ما تقوم به واشنطن ، قد يتغير الأُسلوب بين هذا وذاك ، ولكن محراك الشر الأميركي لم يترك دولة في العالم ، إلا حاول أن يشعل فيها ما استطاع من حرائق صغيرة ليتعهدها فتكبر تحت إشرافه ، ومن ثم يدير النار وشررها كما يحلو له .
بايدن الذي يعمل حسب الضخ الإعلامي الأميركي، يبدو وكأنه يعمل رجل إطفاء لحرائق ترامب الذي أوقد المزيد منها ، حتى المؤسسات والمعاهدات الأممية لم تخل من طيشه ،بايدن الذي يبدو أكثر دهاء ومكراً من ترامب ، لن يخرج عن الخطوط كافة، يعود إلى معاهدة هنا وهناك، ويضخ باتجاه معاهدة أخرى ، لكنه يعمل بالوقت نفسه مع آلة التضليل الأميركية على خداع العالم، وإطلاق التصريحات التي تقرب البعيد وتبعد القريب.
وعلى سبيل المثال : خروج ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، هل يريد بايدن العودة إليه ؟ هل يحتاج إلى هذا التعقيد كانت طهران واضحة، أسقطوا العقوبات التي فرضت (عليها ) لنعود إلى الاتفاق النووي ، هل يحتاج الأمر إلا إلى قرار أميركي واضح وصريح، إسقاط العقوبات الظالمة ، ولكن هل يريد بايدن أن يفعل ذلك، أم تريد إدارته المضي قدماً بمفاوضات عبثية، تنتهي بإعلان الإدارة الأميركية أنها لم تحقق الغاية المرجوة منها.
من نبض الحدث- ديب علي حسن