الثورة أون لاين – ترجمة ليندا سكوتي
تزامناً مع مرور الذكرى العاشرة على بدء الأحداث في ليبيا ، أخذت الأضواء تتسلط على فريقين متنافسين في البلاد ، وشهدنا أحدهما ينتظر في حظيرة الطائرات خارج جنيف حيث يجتمع 75 شخصية من قادة المجتمع المدني الذين قدموا ليشاركوا في منتدى الحوار السياسي الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة ، الذي كان تتويجاً لجهود استمرت عدة أشهر بهدف التوصل إلى اختيار سلطة مؤقتة تقود البلاد نحو إجراء انتخابات في شهر كانون الأول ، وتشكيل حكومة يتفق عليها ، وصياغة دستور جديد للبلاد .
وفي 6 شباط فاز كل من رئيس الحكومة الانتقالي عبد الحميد دبيبه ، والرئيس محمد المنفي اللذين أكدا على بذل المساعي في هذا الأسبوع للحصول على موافقة شبه البرلمان الليبي لتشكيل حكومتهما .
لم تدخر الأمم المتحدة جهداً إلا وبذلته لمصالحة هذين الفريقين الليبيين بهدف تعزيز المؤسسات المدنية الناشئة وتقييد المجموعات المسلحة ، بحيث يصار إلى تسوية الخلافات والطموحات السائدة بينهما عبر العملية السياسية .
في مقابلة جرت الأسبوع الماضي مع المبعوثة السابقة للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز ، ذكرت أنه جرى اتخاذ ضمانات متعددة للحيلولة دون إجهاض المحاولات المبذولة سواء من الجنرال خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد أو من التكتلات السياسية والعسكرية المختلفة التي تهيمن على غربها للمضي قدماً في عودة البلاد إلى سابق عهدها .
وقالت وليامز لصحيفة الاندبندنت : “في حال لم يوافق البرلمان على تشكيل حكومة جديدة ، فإن ثمة عودة مجددة للحوار لطرح القضايا العالقة كافة” .
راقب الليبيون عمليات الاقتراع عن كثب ، وقد ذكر أحد المواقع الإخبارية الإذاعية بأن تلك العمليات حظيت بحوالي 1,7 مليون مشاهدة ، ربما يشكلون ثلث السكان الليبيين ، ونقلت جميع القنوات الإخبارية جلسات الأسئلة والأجوبة التي خضع لها كل مرشح على الهواء مباشرة ، وأردفت وليامز : “شاهد الليبيون الأسئلة المطروحة على الطبقة السياسية وإجاباتهم على أسئلة إشكالية وملتبسة” .
لقد أفضت عشر سنوات من النزاع للسيطرة على مدن ليبيا وثرواتها الطبيعية إلى زج البلاد في فوضى عارمة ، ولاسيما أن المعارك القائمة بين الأطراف المتنازعة كانت مصحوبة بالدعم الخارجي ما قاد إلى التدخل الأجنبي ، وفي هذا السياق ، قالت وليامز : “إن ما يجري في ليبيا لم يكن إلا نتيجة للتدخل الأجنبي في هذا البلد للهيمنة عليه كلياً أو جزئياً ، الأمر الذي صعَّب على الليبيين التكيف معه” .
ولكن مع تقدم العملية السياسية ظهر خطر آخر ، فقد يتوازى تنامي الوجه المدني لليبيا مع تنامي ميليشيات ومجموعات مسلحة ليبية تتحين الفرصة للانقضاض وتحقيق المكاسب .
وقد أشارت مذكرة لمنظمة العفو الدولية في 7 شباط إلى ما حظي به العديد من قادة الميليشيات من شرعية واعتبارهم لاعبين سياسيين رغم عدم مساءلتهم عما ارتكبوه من جرائم تشمل اغتيالات لمعارضين سياسيين ، في الواقع ، ليس هناك سوى القليل من الضمانات ، أو قد لا توجد أي ضمانات لعدم اعتلاء متهمين بجرائم حرب المناصب والتمتع بالامتيازات والسلطة والمكانة المرموقة في الحكومة المستقبلية .
وقالت ديانا الطحاوي مديرة العفو الدولية في تلك المذكرة : “في حال لم يصار إلى محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ، والإقدام على مكافأتهم بمناصب في السلطة ، فإن العنف والفوضى والانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان والمعاناة اللا متناهية التي اتسمت بها حياة الليبيين ستستمر بلا هوادة” .
لا ريب أن ثمة فرصة أمام مجرمي الحرب العتاة في ليبيا بالعودة عن غيهم واتباع الطريق القويم والعمل على تبني العملية السياسية بكل إخلاص ، وهذا ما يعتقده صناع السلام في الأمم المتحدة .
لكن على الرغم مما قد يتحقق من وفاق فهذا لا ينفي تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات في ليبيا على يد الإرهابيين التي لم تتحقق إلا نادراً ، قد يتعايش الفريقان الليبيان إلى جانب بعضهما البعض وتزدهر البلاد لسنوات قادمة ، وربما عقود أيضاً ، لكن ربما التوترات ستسود العلاقات القائمة بينهما .
المصدر
The Independent