الثورة اون لاين – فاتن أحمد دعبول:
لم تكن قصة من نسج الخيال أو حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة، بل من واقع عايشه السوريون في سنوات الحرب القاسية وماجرته من قتل وتدمير للبشر والحجر على حد سواء.
ولأن الإعلام صنو الجيش العربي السوري في مواجهة الإرهابيين، جاء الفيلم في محاولة لإعادة سينما الحرب والإضاءة على جراحات البشر وعذاباتهم بعيدا عما تروجه وسائل إعلام تخضع لأجندات عدوانية ملوثة بأموال المتآمرين على بلادنا في جانب، وتسليط الضوء على دور الإعلام إلى جانب الجيش العربي السوري في إظهار حقيقة الإرهابيين ووحشيتهم وكشف المؤامرة الكبيرة التي حيكت ضد سورية من جهة أخرى.
ويروي فيلم” لآخر العمر” قصة صحافية تتعرض للاختطاف مع طاقم العمل الذي رافقها أثناء تنفيذها لمهمة أوكلت لها في تغطية ميدانية من قبل المسلحين الذين حاولوا بطريقتهم الوحشية أن يحصلوا على بيانات ومعلومات والضغط عليها لإصدار بيان صحفي يؤكد أعمالهم الإجرامية.
الفيلم من إنتاج الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وتأليف السيناريست سامر محمد اسماعيل وإخراج باسل الخطيب، وشارك في التمثيل” وائل رمضان، عارف الطويل، رنا شميس، ترف التقي، باسل حيدر، زيناتي قدسية ..
وأول مايلفت الانتباه في الفيلم أماكن التصوير التي شكلت بطولة حقيقية تجسد الواقع المأساوي التي آلت إليه الكثير من المناطق من التدمير والخراب الكامل، ما يؤكد حجم الحقد الذي يحمله هؤلاء الغزاة تجاه بلادنا.
دراما حرب:
وبين المخرج باسل الخطيب أن الفيلم دراما حربية، يستعرض الدور الذي قام به الإعلام السوري في نقل أحداث المعارك ضد الإرهاب، ويحكي عن تضحيات الجيش وبطولاته، وقد رصدت له إمكانات ضخمة وميزانية كبيرة، وتمنى أن يكون هذا الفيلم خطوة أولى لسلسلة أفلام تحكي عن الحرب وتوثق للأجيال القادمة مرحلة هامة ومفصلية في تاريخ بلادنا.
وأضاف: إن كل فرد أثناء الحرب ومن موقعه كان يقوم بأداء مسؤولياته حين شعر أنه جزء منها، وأنها معركته الشخصية، وبناء على نتيجتها سيحسم مستقبله ومستقبل أولاده ووطنه، وهذا ماحاول الفيلم أن يبرزه، وخصوصا أننا تابعنا في السنوات الأخيرة كل مايحدث في سورية، وكنا على مسافة قريبة من الأحداث، وصورنا أفلاما في مناطق خطرة، ولكن فيلم” لآخر العمر” تحدث عن مواضيع حساسة متعلقة بالجيش وعن شباب ضحوا بحياتهم لنعيش حياتنا اليوم، لذلك كان على المشاركين في الفيلم أن يكونوا بحالة ولاء مطلق لهذا المشروع، متمنيا أن تكون جرعة الحب والإيمان والشغف بالقضية التي ضحى من أجلها أبطال الجيش واضحة على الشاشة.
وأوضح بدوره أن الفيلم يظهر في جانب منه قضية اختطاف الإعلامية لارا، لكنه استوحى مادته من مجموعة قصص وأحداث وقعت خلال الحرب، ولم يتناول قصة بعينها، والفيلم في النهاية يتحدث عن شهداء الإعلام بشكل عام، وربما اتكأ على حكاية لارا وماتعرضت له أثناء اختطافها.
ميثاق .. وعهد:
هي محاولة لتوثيق جهود عشرات الإعلاميين السوريين، وخصوصا المراسلين والميدانيين منهم، هذا ماحاول أن يوضحه السيناريست سامر محمد اسماعيل في حديثه الخاص وقال:
في الفيلم نقدم قصة الصحفية المختطفة وبعض القصص الواقعية التي تم العمل عليها ومعالجتها فنيا من خلال مادة درامية غنية وقادرة على أن تكون لائقة بمستوى التضحيات التي قدمت عبر تقريب المستوى الإنساني من السرد السينمائي، وثمة خصوصية في فيلم” آخر العمر” وهي صعوبة مقاربة الأحداث الواقعية، فكان لابد من انتقاء بعض القصص، لأن الفن يعتمد على المحاكاة والمقاربة وتقديم الحلول الفنية الموضوعية للأحداث، وهذا يتطلب مهارات عديدة في كتابة السيناريو.
وأضاف: إنه لم يكن من السهل الوصول إلى النسخة النهائية للعمل، بل تطلب جهدا كبيرا ووقتا ليس بالقليل، لكن العمل أصنفه بأنه ميثاق وعهد بإكمال الطريق والنضال حتى تحقيق النصر على قوى الإرهاب وداعميهم.
الدور الأميز:
ورغم الصعوبات والمشاق التي رافقت التصوير في أماكن شهدت تدميرا وخرابا كبيرا، رأى الفنان وائل رمضان بطل فيلم” لآخر العمر” أن دوره من أجمل وأميز الأدوار التي قام بها، فقد جمعت لحظات التصوير بين المتعة والتعب
وبين بدوره: أن الفيلم يذكرنا بالأعمال القيمة التي نشتاق لها كثيرا، وأكد أن مشاركته فيه ليست إضافة لمسيرته فقط، بل هو شرف له.
وعن أهمية تجسيد الممثل لشخصيات وأحداث حقيقية وانعكاس ذلك على أدائه، بين أننا عشنا سنوات صعبة خلال فترة الحرب بكل لحظاتها وتفاصيلها، لذلك قإن الممثل السوري، هو واحد من أفراد المجتمع الذين عايشوا الحرب واكتووا بنارها، لذلك لايحتاج لمراجع وكتب ليقوم بالدور، فهو سيتحدث عن نفسه أو عن أشخاص يعرفهم، أو هم يشبهونه، والعكس صحيح، فلاشك أن كتبا كثيرة ستنشر عن هذه المؤامرة والحرب التي استهدفت بلادنا.
أدوار صعبة:
ورأت الفناة رنا شميس التي قامت بدور” لارا” الصحفية المختطفة، أن صعوبة الدور تأتي من صعوبة الأمانة التي يحملها والرسالة التي يريد إيصالها، وخصوصا أن الشخصية واقعية وعانت ماعانت من جراء الخطف، والفيلم صور في بيئات ساخنة ومازالت تعيش تبعات الحرب ووحشيتها.
ورغم أن دور القناصة بعيد كل البعد عن شخصيتها، لكن الفنانة ترف التقي أدته بشكل احترافي، وقالت أنا سعيدة بتجربتي السينمائية الأولى، لأن الفيلم يقدم رسالة إنسانية مهمة، ويسلط الضوء على دخول المرأة مجالات كثيرة وأهمها في ميادين القتال.
الفيلم يعرض في مجمع دمر الثقافي” صالة الكندي”، ويستمر حتى 25 شباط، الساعة الخامسة مساء.