الثورة أون لاين – هنادة الحصري :
لا نختلف أن العقل العربي بشكل عام في أزمة ، فكيف ستتم معالجة معضلة هذا العقل و هي السبب الجوهري لتخلفنا و عائق أمام نهضتنا و تقدمنا ؟..
و لكن لا ننكر ، فكثيراً ما استشرف العقل العربي الأحداث ، و ابتدع الحلول لها و لكن للأسف كان هناك قصور في الفعل العربي ، فلا إرادة لتحقيق نهضة الأمة و تقدمها أمام التحديات التي تواجهها .. و يبقى الإنسان العربي في ضياع .. يحركه لهثه خلف تيارات فكرية وافدة تحت شعار التجديد و التحديث و ابتعاده عن روافده و منهجه .
و إذا حاولنا الحديث عن أقنية تشكيل العقل دخلنا إلى بيئتنا الثقافية بما فيها من وسائل الإعلام ، و هي الموجه الأول للعقل و الاتجاهات و التفكير .
وقد عمقت الليبرالية الموجهة هذه الأخطاء التي وقعنا فيها جميعا ، فنرى وسائل الإعلام تعاني من أخطاء كثيرة ، كذلك المدارس و هي لا تعي دورها في تأهيل التفكير لاكتساب المعرفة و المعلومات و تكوين الشخصية و أكثر ما نلاحظه غياب حوافز التنشيط الذهني من ندوات و محاضرات و بهذا يتلاشى الإبداع و يحضر الروتين ويبدأ التقهقر الفكري ..
لا شك أننا بحاجة إلى عودة للذات و محاولة إعادة التعرف عليها بأمانة و موضوعية و تجديد الثقة بها للابتعاد عن الإحساس بالنقص و الدخول في عملية معرفية نجدد فيها ثقافتنا في البحث لنشعر بتميز و تفرد فنكتسب الإرادة الذاتية و ننميها ، و هذا في حد ذاته كفيل بتجاوز الروح الانهزامية و الحس بالتبعية التي يعاني منها الفرد ، و جعله يكسر حواجز الخوف المهيمنة على العقل العربي ..
لقد سلبتنا موجة اللبرلة عقولنا وقدرتنا على التفكير الخلاق ، وذهبنا وراء السطحي ، نعم ، العقل العربي يمتلك كل مقومات الحضور فكيف تحولت العقلية العربية من الإيجابية إلى السلبية ؟ و هي التي تحتاج فقط للإيمان بقيمتها الذاتية بعيداً عن القلق و كما قال ماثيوتشابل : “القلق استقلال منحرف للعقل الانساني ” .
و لا يفوتنا الوقوف عند فعالية العقل العربي من خلال التركيز على البناء الأخلاقي و تأثيره على سلوك الفرد في ملء الفراغ الروحي ، و بالتالي تجاوز كل مقومات النهوض . يقول كوندرسيه في كتابه ” صورة تاريخية عن العقل الانساني ” لقد تابعنا العقل الإنساني و هو ينمو نمواً بطيئاً بفعل التقدم الطبيعي للحضارة ، و راقبنا الخرافة و هي تتحكم في العقل فتفسده ، و كذلك الطغيان و هو يضعف العقل فيميته بفعل البؤس و الخوف ، و قد رأينا العقل و هو ينزع عنه القيود فيتحرر من جزء من كل ، ثم يمضي وقته في استعادة قوته مهيئاً نفسه للحظة التحرر ، و علينا دراسة المرحلة التي يتحرر فيها العقل تماما من قيوده ، و إذا علقت به اّثار هذه القيود فعليه أن يحرر نفسه منها رويدا رويدا و إذا قدر له أن يتقدم بلا عوائق ، فستظل عقبة وحيدة في طريقه ، و هي العقبة التي تكمن في كل لحظة تقدم ، بحكم أنها الإفراز الحتمي من العقل ، أو بالأحرى من العلاقة بين وسائل استكشافنا للحقيقة و مقاومة جهدنا