“صراع في حلبة منافسة”

لا يلومني أحد لو أكثرت من التعرض للابتكارات الحديثة، وآثارها المجتمعية.. فحياتنا أصبحت محكومة بتلك الابتكارات.. من تزييف عميق إلى ما بعد ذلك من العملة الإلكترونية، إلى زراعة الشرائح في الأجساد البشرية، واستخدام الذكاء الصناعي في الطب، إلى ما يتاح للعلم أن يستخدمه في مجالات الصحة، والتعليم، والثقافة، والفن، والصناعة، وغير هذا كثير.
أما الإنجازات المبهرة في مجال الذكاء الصناعي فهي تدفعنا لأن نتنبه إلى ما يجري في العالم من حولنا من تطور، وإلى العلم الذي أصبح في مساره فائقاً، ونحن كمجتمعات لسنا ببعيدين عن التكنولوجيا المتقدمة، إذ هي تأتي إلينا قبل أن نذهب إليها شئنا، أم أبينا.
لكن أغلب الاهتمام الآن بات يتوجه بإرادة مسلوبة لا إلى تلك الإنجازات لنطّلع على الأحدث في مجالها، ونتعلم سبل الاستفادة المثلى منها بل إلى ما نسميها الآن منصات (السوشيال ميديا) أو وسائل التواصل على الشبكة الذكية، في تعارف ينتج عنه تآلف، أو تنافر ينتج عنه العداء.. بل ماذا عن تلك الخلافات التي يخلقها هذا التواصل، عبر قارات الأرض إذ أصبحت هذه الوسائل ساحة رحبة لطرح الأفكار في كل الاتجاهات، سلبية أكانت لتشتعل فتحرق، أم إيجابية لترتقي بالنفوس فتأتي بالحلول؟
وهي بالتالي تخلق ساحة للصراع هو كصراع الديكة في حلبة المنافسة، بينما الجمهور يهلل، ويصفق، وأصحاب الديكة يغذّون عناصر القتال بإيحاءات، وهتافات للوصول إلى فوز طرف على حساب الآخر.. ليصبح أمر النقاش مساحة رحبة للأخذ والعطاء، وإظهار موجات الانفعال من غضب يصل إلى حد السباب، والشتائم، والتجريح بحق من فتح ذلك الباب، وكان يظنه باباً للحوار، فكل طرف يحرص على أن يقنع الآخر بوجهة نظره، وإذا ما فشل في الإقناع اعتبر ذلك فشلاً له، وهزيمة تنطوي على إهانة.. لتسير الأمور في مسار لا يرغب به أحد، والأخطاء تتلوها أخطاء، وشحنة الغضب تتعالى معها الأصوات، وتتفاقم حتى تخرج عن المسار.
ومادام التحول الرقمي قد أصبح واقعاً في حياتنا، وأزمة وباءٍ عالمي قد عززته فلا أقل من أن نتعلم أسلوباً جديداً للحوار الصحيح حتى لا نسقط في حفرة الجدل العقيم الذي يذهب بنا إلى تشتت الآراء، وخلق شحنة من العداء لا يستفيد منها إلا من يريد أن يتسلل إلينا من الأعداء مستغلاً تلك الثغرات لعبور آمنٍ.
وربما هذا قد خلّف بدوره نوعاً من الاستهتار، أو بالأصح من الاستخفاف في التعامل الإعلامي من خلال الفضائيات فإذا بنا نقع أحياناً على مهاترات بعبارات غير لائقة، وأخطاء فيها تجاوزات للقواعد الإعلامية، وللمعايير المهنية ما كانت حاضرة قبل زمن التواصل الافتراضي، وتلفزيون الواقع.. لقد بثت تلك المنافذ الجرأة عند الناس للتعبير الحر عن أنفسهم دون قيود حتى ولو كان ذلك من خلال محطة فضائية، أو قناة إذاعية، وحتى لو كانت مساحة هذا التعبير متجاوزة في حريتها الحيّز المسموح لها به أن يخرج إلى العلن، أو تعرّض صاحبها إلى تلقي الانتقادات الحادة، وما يتبعها من التعليقات الساخرة، أو الغاضبة، على منصات التواصل الاجتماعي، وإثارة الجدل الفارغ الذي يوصل في نهاية المطاف إلى فتح تحقيقات، ووقوع أزمات.
وشيئاً فشيئاً بدأ الناس يردّون الخطأ بخطأ أكبر، وبدأت تظهر حلبات للشد والجذب، وبدأت بالتالي هذه المواقع ومع ما يتبعها من تطبيقات حديثة مثيرة للاهتمام، وجذابة للاستخدام ولكن لغايتها التي وُجدت من أجلها، أقول بدأت هذه جميعاً تنحرف في مجالات استخدامها مستفزة بذلك غضب جمهورها في حلقة تكاد تتبعها حلقات من إساءة التعامل مع وسائل العصر الحديثة التي ابتُكرت للرفاهية، لا لشحن طاقة العداء، والكراهية في ساحات غدت للصراع لا للمنافسة التي فيها الارتقاء.

إضاءات – لينــــــا كيــــــــــلاني

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة