كأنه كان الأمس ما أقصر الزمن وأمر التجربة التي نعبرها.. ما أعمق الجرح الذي يمتد من خارطة قلبك إلى نبض كل قلب سوري وعربي وإنساني ويبقى ينزف عقداً من الزمن..
ترى في شرايينه.. شرايين الآخر دمك المهدور ظلماً وعدواناً.. ترى ميراث الآباء والأجداد.. ترى تدمر.. أوغاريت وإيبلا وقلعة حلب..
ترى الجسر المعلق على ضفتي الفرات.. ترى حقول القمح وبيارات البرتقال والزيتون.. وما تدره أرض حوران وسهول الجنوب ترى ذلك كله وقد غدا على غير ما كان عليه.. يلفه موت ويباس.. يعبث به عدو غاشم ظالم.. قاهر.. وتمتد يد غدر لتكون حرابه في صدور أبناء الوطن..
هل كان كابوساً طال مكوثه على الصدور والقلوب وكاد يفتك بالعالم كله؟
عشر من العجاف التي ما تركت لوناً من الإجرام إلا ومارسته بحق السوريين.
ضخ إعلامي تم العمل عليه لعقود من الزمن واختراقات حدثت تحت مسميات كثيرة.. عدو يخطط بدهاء وخبث سخر المنابر الأممية كلها لتكون مطية له لحظة حاجتها لدعم أدواته وعدوانه بقرارات التدخل.. وكان له ذلك.. عشر من السنين وكل سوري اليوم يعرف أي كبيرة ارتكبها من يدعون الحرية.. من كانوا حصان طروادة لتدمير البلد ومقدراته..
عشر سنوات وسيوف الغدر تنهش بنا.. تذبح من استطاعت الوصول إليه.. تغيرت الأدوات مرات ومرات..
دمروا وقتلوا واغتالوا وفجروا..
ومع كل ما في خبثهم من نتن وقدرة على التلون وتبديل الأدوات.. دحرهم السوريون حطموا غرورهم مزقوا خرائط الذل التي أرادوها أن تكون قيداً أبدياً يلجمنا ويلجم أبناءنا..
نعم كان ثمن النصر غالياً لكنه الوطن الأغلى جعنا.. تعبنا.. عانينا.. ومازلنا لكننا نعرف أن ثمن الكرامة غال، ولكنه الأقل تكلفة من ثمن الاستسلام والانحناء ونعرف أن ما مررنا به كان سيأتي يوماً ما..
ولكن ربما ما جعل الجرح فاغراً حد القهر أن تكون الأدوات ممن يدعون أنهم سوريون.. من بعض من كانت سورية لهم الملاذ ممن يدعون أنهم إخوة ورسل حرية، أي حرية وهم من كهوف الجهل والحقد والتطرف خارجون…
ليس ما نقوله بكائيات أو إنشاء إنه جرح كبير نعرف كيف يصبح نهر محبة وعطاء كيف يصبح وطناً في كل حبة تراب عطر من دم شهيد وحكاية أم أو أب وقصص من العنفوان.. نعرف أننا بدماء هؤلاء باقون وحراس الدم هم الذين نراهم كل يوم في بسمة طفل ورغيف خبز وساعة أمان ..
انظر بعيون أطفال المدارس وهم نهر الغد النقي ألا ترى فيها أساطير من ارتقوا من كل بيت سوري لتبقى حكاية سورية ملء الدهر وتعيد توازن الإنسانية.. نعم هوى الشهداء فارتقوا كواكب في أفق الكون وصاروا مجرات..
عشر عجاف ليست إلا كابوساً عبرناه أمام عشرة آلاف عام من الحضارة والعطاء.. إنها سورية عمود الأرض إلى السماء ومعراج البشرية إلى الضياء، ودمنا هو زيت قنديل كرامة الإنسان.. وإني لألمح خلف الغيم طوفان الكرامة الذي سيثأر من معتد ظالم .. والغد ليس ببعيد.
نبض الحدث- ديب علي حسن