“أناها” الموسيقية، تفردت بالظهور على خشبات المسارح، و عشناها مراراً عبر شارات المسلسلات، حين انطلق خبر رحيل الفنانة الكبيرة ميادة بسيليس، ليسكت كل الأصوات الأخرى على مواقع التواصل، احتلت أغنياتها المكان، لتلوّن الفضاء بنغمات تحمل شجناً من نوع خاص..
ليتها علمت، كيف ودعها محبو فنها، اتشح الفيس بأغنياتها، والكل أتقن الاختيار…في لحظة كيف تحولت الذائقة..؟!
نغمة طربية فريدة ..تغادرنا، وكأن أوان الفرح يأبى إلا أن يبتعد عنا، إنه يضن علينا حتى بنغمة تحيي أروحنا المنكوبة، أحيانا تخالها وأنت تستمع إلى أغنياتها كأنها توجهها إليك أنت بالذات..
حين تمزج صوتها بنغمات الموسيقيِّ المبدع سمير كويفاتي، تطلق فينا كل الحنين، و الرغبة بضم وعشق تراب هذه الأرض…
في العديد من حفلاتها كانت تبدأ بأغنية وطنية، و تنهي بها…وما بين اللحنين نعيش معها طرباً من نوع آخر..سنفتقده طالما حيينا….أذكر أنني حضرت حفلها الذي أقيم بمناسبة فعاليات أيام الثقافة السورية في دار الأوبرا السورية (عام 2017) كان المساء يومها مختلفاً، ولم تكن دمشق كما عهدناها، فالغيوم الرمادية لازالت تبلل سماءها، وأوجاع أزمتنا في عزها، ومع نهاية كل أغنية كنا نرغب بالمغادرة، نريد العودة إلى منازلنا البعيدة باكراً، إلا أننا كلما كنا نهم بمغادرة مقاعد دار الأوبرا الخمرية اللون، نسمع نغمة معتادة من ألحانها، سرعان ما نعود لنعلق بتلك المقاعد الصغيرة، والتي اتسعت بنا وهي تصدح أغنياتها…كانت لحظة لا تنسى حين اختتمت حفلها بأغنية (شوفو بلدي) و هي تتمايل برقيها المعهود مع الألحان…
أغنيات تلك الحفلة ليست وحدها سنستعيدها بحنين إلى روح فنية صافية غادرتنا ولكن كل أغنياتها سواء تلك التي أصدرتها في ألبومات غنائية اشتغلت عليها طويلاً كفريق فني شغوف بموسيقا لا تخبو، أو تلك التي حملتها لنا شارات مسلسلات فنية هي الأخرى تُحف فنية تتناقلها الآذان بمحبة لا نهائية…
ستفتقد أوقاتنا لجديدها، ولكن صوتها أينما سمعناه سنشعر أنه متجدد متغير، غير قابل للكسوف، يشبه نضارة فنانة حافظت على نقاء روحها وموسيقاها حتى النفس الأخير..!.
رؤية – سعاد زاهر