الملحق الثقافي:يوسف حيدر :
ما الثقافة كمعنى؟.. وكيف يمكن أن تُطبَّق ضمن الأُطر المتاحة، وما وضع المثقف السوري؟.. وما العوامل التي أدَّت إلى الانحدارِ في الوضع الثقافي؟..
لاشكَّ أن التطرُّق لمثل هذه المواضيع، يتطلَّب الكثير من البحثِ، والكثير من المعرفة المجتمعية، بكيفية نشر الوعي الثقافي، والمحافظة على التوازن، ولاسيما في ظل الأوضاع الراهنة.
الثقافة هي كمية المعرفة والمعلومات، التي يمتلكها الفرد في عدَّة مجالاتٍ تعكس شخصيته وتبرزُ مواهبه، وقد جاءت كلمة “ثقافة” من التثقيف، أي التشذيب، فالمحارب يشذِّب رمحه ليصبح أكثر حدّة وأقوى فعالية.
إذاً، الثقافة صقلٌ وتشذِّيب للمعارف والمعلومات التي تزيد من وعي الفرد، ولتطبيق مثل هكذا نوع من الوعي، نحتاج الأرضية والقاعدة الصلبة، لنقل هذا الوعي من مستوى الفرد إلى مستوى المجتمع.
الحركة الثقافية هي حركه فلسفية توعوية، تهدف إلى بناءِ مجتمع لا يتمثَّل بالمجمل، وإنما بعددٍ لا بأس به من الأفراد الذين يحافظون على توازنه، وترقيته نحو الأفضل.
المثقف السوري حالياً في دائرة الخطر، والمبدع السوري ضمنها، ونحن نملك الثقافة، والفكر الحرّ، والعقيدة الجيدة، للانطلاق نحو مستقبلٍ مميَّز في هذا المجال. لكن، ما لا نملكه هو الدعم في ظلِّ هيمنة الظلام وغياب الرقابة، وإن مرّ المثقف السوري بعصرِ الازدهار في فترة من الفترات التي حقق خلالها، وعلى كافة الصعد، الكثير من التقدم وفي المجالات كافة، إلا أن سنوات الحرب الظالمة التي عاشها، أدت إلى تراجع الوضع الثقافي، وبالتالي الفكري والإبداعي، ولا ننكر أن السبب الأكبر لهذا التراجع، تردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
في الحقيقة، القراءة اليوم هي أكثر فعل يسهم في صناعة الثقافة، وإعادة بناء الوعي السوري، لكن الفرد السوري وللأسف، غير مصنَّفٍ على مستوى القرَّاء، وذلك لقلّة وقته، ولانشغاله بهموم الحياة، إضافة إلى غياب المحفِّزات، وهو ما أدى إلى كونه نادراً ما يهتم أو ينجذب إلى كتابٍ موضوعٍ على واجهة أحد متاجر الكتب، ولا تلفته مجلّة أو حتى جريدة.
وإذا تطرقنا إلى عصرِ العولمة والتكنولوجيا والكتب والمجلات الإلكترونية، نرى أن الفرد يقرأ السطر الأول من كل مقالٍ، دون الضغط على “قراءة المزيد”، وهو ما جعله على المستوى العادي والتكنولوجي، غير مهتمٍّ بتحسينِ وضعه الثقافي.
من هنا، علينا معرفة الأسباب والعلل ومعالجتها، فكلمة “اقرأ ترتقي” ليست مجرد كلمة عابرة، بل هي كلمة ذات مضامين مهمة، فالقراءة التي تُكسب الإنسان الثقافة والمعرفة، هي الطريقة الوحيدة للمحافظة على توازن المجتمع، في ظلِّ انتشار الفساد، وانحدار الوضع الاجتماعي والأخلاقي، والأفعال المنافية لطبيعة الإنسان، بغضِّ النظر عن نوعها.
التاريخ: الثلاثاء23-3-2021
رقم العدد :1038