هل رأيتم مخالب أردوغان على الورق وهو يكتب بالصحافة الغربية حكاية ألف ليلة وليلة إرهابية وعشر سنوات من التدخل في سورية.. وكيف نام السلطان على قصص الهذيان التي روتها شهرزاده العثمانية عن عودة الجيش الانكشاري وموكب الوالي إلى المنطقة من البوابة السورية.
فأردوغان قرر أن يتنكر بقلم كاتب وصحفي وهو الذي كمّ أفواه الإعلام التركي فحاول من بين سطوره بعث الرسالة إلى بايدن عبر صحيفة غربية وبهيئة مقال صحفي… ولأنه مسكون بالعثمانية جاء مخطوطه على شكل فرمان يأمر فيه بايدن أن يتحرك في سورية ويوصف الحالة بأنها (مأساوية)!! وأن كل الحرب فيها أي في سورية سببها التقصير الغربي في دعم تركيا.. فهو كما يقول أي أردوغان.. هو الحل.. أينما حلت الأزمات في سورية أو المنطقة كلها، ولعل شعار أردوغان هذا هو ذاته شعار الأخوان المسلمين عندما قالوا إنهم الحل.. وما على الغرب إلا محاربة الأكراد وإسقاط الدولة السورية ودعم السلطان في المناطق الآمنة واتركوا الباقي على أردوغان.
اتركوا الباقي على أردوغان فهو المجرب والمستثمر في الجغرافيا واللص الذي فكك معامل حلب وهو القائد الأعلى للإرهاب وهو المبشر بالخراب يوم يتحدث التركي عن السلام ويتهيأ العالم للحرب كما تقول الأمثال السياسية، وكما ترى الخبرة السورية بالجار الجائر الذي فتح كل الحدود لإدخال أكثر من ٣٥٠ ألف متطرف ومرتزق وإرهابي من كل أنحاء العالم لقتل الشعب السوري وهو الذي يحتل الشمال السوري بميلشيات النصرة المطعمة بداعش ثم يخرج ليقول إن السلام في سورية مرتبط بالدعم الغربي لتركيا وإن الغرب وعلى رأسهم بايدن أمام ثلاثة خيارات إما الصمت أو بذل كل الجهود العسكرية والاقتصادية للضغط على دمشق، لكن الحل (الأنجع والأكثر عقلانية) برأي أردوغان هو إطلاق يده العثمانية ودعم الغرب له والتخلص من معارضيه من أكراد سورية في هذه الحالة فقط سيعم السلام.. فما رأيكم بأردوغان الذي يطلب مبايعة غربية لعثمانيته في سورية والمنطقة كشرط لحل الأزمات، وما بالكم أنه هو ذاته الذي هدد بايدن في المقال نفسه بأن التخلي عنه يعني فتح الأبواب أمام المهاجرين إلى أوروبا بل والاستثمار في الإرهاب أكثر لترحيل المزيد.
ما كتبه أردوغان في صحيفة بلومبرغ يدل على موهبة السلطان في الكذب وتأليف النوادر من الخيال العثماني، فالرجل لم يكتب مقالاً بقدر ما كان فرماناً يقرع أردوغان بإلقائه طبول المبازرة على دوره في عهد بايدن ويمرر شروطه ويستعرض أوراق ابتزازه تحت شعار التخوف على سورية!
فالسلطان العثماني اليوم وكما قال جاهز للتلطي تحت شعارات حقوق الإنسان الدارجة بحسب وصفه، وهو من بوابتها الضيقة على مقاسه المتضخم بالدكتاتورية والإرهاب يحاول أن يجد شركاء له في المنطقة والعالم، لكن الطالع لايلائمه فنجمه السياسي ليس محبوباً بل مفضوحاً بالانتهاكات والتدخلات في شؤون المنطقة، ولما كانت سياسة حزبه السابق قبل أن يتشرذم صفر مشاكل باتت اليوم صفر أصدقاء في عهد السلطان السعيد أردوغان المتبختر على دخان أحلامه العثمانية والذي لم تعلمه عشر سنوات من الحرب على سورية أن أقدام المحتل تسحقها الأرض المروية بدماء شهدائنا.
إذا لم يتعلم أردوغان الدرس فهل سيلتقطه بايدن الحائر على تخوم الملف السوري وكيف سيفهم وزير خارجيته بلينكن الذي يجعجع بلا طحين في مجلس الأمن لفتح الثغرات من جديد بحجة الممرات الإنسانية وتمرير المساعدات والأسلحة للإرهابين أن مسمار الاحتلال الأميركي سيضربه مقلاع المقاومة الشعبية، وأن الحل في سورية برحيل الأميركي والتركي وفك الحصار وليس بمخالب على ورق الصحف كما فعل أردوغان أو بالعدوان على سورية كما دشن بايدن حقبته، وليست أيضاً بحرب القرارات وتراشق التهم في المجالس الأممية.. فالمعارك في عهد بايدن الذي وعد بعودة السلوك الدبلوماسي والسياسي لواشنطن تنتقل إلى القنوات الدبلوماسية حتى بين الدول العظمى فهل هذا هو التطبيق الفعلي لوعود بايدن؟! ..يبدو أن الرئيس الأميركي يعد ببناء جسور حتى لو لم يكن هناك نهر كما يقول نيكيتا خورشوف.
من نبض الحدث- عزة شتيوي