افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير- علي نصر الله:
قَدّمَت منظومة العدوان في آخر جلسات مجلس الأمن الدولي وجبة نفاق غير مَسقوف إذا كانت تُحاول بها مُحاكاة المستويات غير المَسبوقة من مُحاولات الكذب والتضليل التي درجت عليها، فإنها بكل المعايير كانت الجلسة التي يمكن تَوصيفها بأنها بلا دسم، لا رائحة لها إلا النتن، ولا طعمَ لها إلا المرارة والخذلان والخيبة.
سِجِّلُ معسكر العدوان على سورية صحيحٌ أنه مُتخم بالكذب والتضليل وبالارتكابات التي تَخطت حدود ارتكاب جرائم الحرب المُنظمة، لكنّ الصحيحَ أيضاً أنه يَفيض في هذه الأثناء بالادّعاءات والأوهام التي لا تُفسرها سوى حالة واحدة تُلخص المُستوى المَرضي الذي يُعانيه قادة الغرب وأميركا كمركز قيادة للعدوان، معهم مجموعة الأدوات الرخيصة التي تُؤمر فتُنفذ وتُطيع لكنها تَبقى بلا وزن بحثت عنه في الماضي وتبحثُ عنه حالياً!.
ما الذي يبحثُ عنه أنتوني بلينكن مع جو بايدن وبقية الشركاء في الأطلسي؟ بل ما الذي يُراهنون عليه بإعادة إحياء وتَعويم الدواعش ومُشتقاتهم؟.
دُحرَ الدواعش .. وسواهم على الطريق، إنّ استمرار الاحتلال من المُحال، إنّ صفحة مواصلة سرقة النفط والثروات ستُطوى، وإنّ تَسخين العقوبات ببلوغ أقصى حدود الإرهاب الاقتصادي لن يُجدي بانتزاع أو تَحصيل أيِّ مستوى من الأهداف التي لم تتحقق بالحديد والنار وبالذبح والتكفير، ولا بالتدخل المُباشر في مُحاولة لمنع هزيمة المشروع الصهيو – أطلسي، فهل يمكن توصيف ما يَجري إلا بالاجترار المُقزز، وسوى أنه شكل من أشكال الجنون، وربما الانتحار؟.
الجيشُ العربي السوري، مع الحلفاء والأصدقاء، تَكفّل بتحقيق الناجز الذي تمّ لا ليَتوقف، بل ليَستكمل على جميع الجبهات والمحاور، لن تُثنيه مع شعبه وقيادته حزمة عقوبات جديدة، أو قرارات يُدفَع لاتخاذها العُثماني الصغير هنا وهناك، في هذا الاتجاه أو ذاك، وقد آنَ له ولمُشغليه أن يَتعلم من الدروس وأن يَعتبر من حركة الميدان قبل أن يَتعظ من مُعطيات السياسة والدبلوماسية!.
افتتاحُ جبهات مُوازية، أو مُحاولة إحياء في ذلك الاتجاه الإرهابي، مع مُحاولة استلحاق لاعبين آخرين لتصعيد حملة أو لتَزخيم أُخرى، ستبقى هذه المحاولات ومَثيلاتها، اليوم وغداً، بائسة يائسة بلا وزن إذا كانت تُلاحق استحصال وزن آخر افتُضح وكشفَ عجزَ المنظومة عن تَعديل المَوازين، ليكون بإمكانها صناعة أوزان وتَوازنات تَميل لمصلحتها.
إنّ استمرار التهديد ب “قيصر” وبما يُعَدّ على قاعدته لاستهداف سورية، روسيا، إيران والصين، في إطار استخدام العقوبات والإرهاب الاقتصادي يُؤشر بوضوح إلى مُستويات وهم مُختلفة باتجاهين، إذا كان الأول يُؤشر إلى روح الطغيان والعدوان لدى الغرب وأميركا وإلى انتظار قادتهما نتائج غير تلك التي أخفقوا بتَحصيلها، فإنّ الثاني يُؤشر إلى نكران حالة الضعف والخواء التي تَكشفت، وخاصة عندما يَقترن ذلك بمُستويات الأداء السياسي التي باتت تُثير الشفقة، والتي لا تَعكس بدورها إلا الوصول إلى اليقين من أنّ ما يَحصل ليس مُجرد انزلاقات يَتحمل مَسؤوليتها أشخاص أو حكومات، إنما يَعكس حقيقة النظام الغربي الأميركي الساقط في جميع الاختبارات التي يَدعي أنه يضعُ الآخرين على مِحكاتها القيمية، ذلك أنّه النظام الذي يُنافق على نَحو غير مَسبوق، يَكذب بلا حدود، ويعيش على التضليل غير المَسقوف.
إنّ مُحاولات التَّحشيد الأميركية المُتجددة التي تَدخل طَوراً آخر من الهَيجان، مع ما يُرافقها من اندفاع غربي أحمق للالتحاق وعدمِ التَّخلف عن مسارات الحماقة السابقة، قد تُشير هذه المُحاولات وتلك الاندفاعات إلى وضع المُتخبط، لكنّها تُبيِّن في الوقت عَينه مَقادير أزمات جوقة المُتخبطين الحَمقى، وستَفضح مرّة أُخرى دَوافعهم التي لا تَخفى، وقد يكون أهمها شعورهم بالحاجة لصناعة أوزان جديدة من بعد الفشل بتعديل الميزان، وهيهاتَ هيهات أن تتحرك عقارب الساعة في الاتجاه المُعاكس!.