مع الاعتراف الصريح والواضح لجيمس جيفري (السفير الأميركي السابق وغير الشرعي لواشنطن في شمال سورية) بأن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي هو من أساسيات الاستراتيجية الأميركية في سورية، تصبح الصورة أكثر وضوحاً واكتمالا حول ماهية الاستراتيجية الأميركية الحقيقية في سورية والمتمثلة بدعم الإرهاب والاستثمار فيه لتنفيذ أجنداتها التخريبية في المنطقة.
فتقاطع المصالح بين تنظيم جبهة النصرة وواشنطن ـ رغم تصنيف الأخيرة له كتنظيم إرهابي – يبدو واضحاً للعيان من خلال ما قاله متزعم التنظيم نفسه المدعو (أبو محمد الجولاني) مؤخراً في مقابلة مع مراسل FRONTLINE مارتن سميث، حيث حصر دور تنظيمه في محاربة الدولة السورية (هدف أميركي)، نافياً تشكيل أي تهديد للمصالح الأميركية، وهو بذلك يقدم نفسه سفيراً لواشنطن بديلاً لجيمس جيفري الذي انتهت مهمته.
فرغم ادعاء واشنطن محاربتها للإرهاب، إلا أن كل ما فعلته وتفعله في سورية يصب في مصلحة طرفين اثنين هما الكيان الصهيوني والجماعات والإرهابية، وهما يسعيان معاً نحو هدف واحد وهو إسقاط الدولة السورية، وقد سبق للكيان الصهيوني أن دعم تنظيم جبهة النصرة انطلاقاً من الجولان السوري المحتل، واعتبره الخيار المفضل في سورية، فيما هدفت أغلب اعتداءاته على السيادة السورية في السنوات الماضية لرفع معنويات الإرهابيين وإعادة بث الحياة فيهم بعد هزائمهم المنكرة على يد أبطال الجيش العربي السوري.
لم يعد ثمة مجال للشك بأن الإرهاب هو استراتيجية واشنطن المفضلة في سورية، فالإرهاب الداعشي هو الذي ساهم بتأمين الذريعة لها من أجل احتلال أجزاء من الأراضي السورية وسهّل عليها سرقة ثروات السوريين – وهو ما تفعله يومياً في منطقة الجزيرة السورية تحت عنوان (محاربة الإرهاب)، وأما إرهاب جبهة النصرة والفصائل المتحالفة معها في إدلب فهو ما يساعد على إبقاء الجرح السوري مفتوحاً، ويعطل إنجاز الحل السياسي الشامل، في حين تشكل داعش وجبهة النصرة وباقي الفصائل الإرهابية الذراع الصهيونية المتقدمة لتدمير وإضعاف سورية، وكل ما تعلنه واشنطن خارج هذه الاستراتيجية الوقحة فهو محض افتراء وكذب وادعاء لتضليل الرأي العام الدولي وقلب الحقائق على الأرض لتنفيذ أجنداتها الاستعمارية.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود: