مع الإعلان الذي أطلقته الحكومة الذي يتضمن اتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة لتوقيف العمل أو تخفيض نسبة دوام العاملين لدى بعض الوزارات والجهات التابعة لها بشكل مؤقت، فإن الضرورات تتطلب اليوم التذكير بأن مسؤولية مواجهة الانتشار الجديد لوباء كورونا هي مسؤولية جماعية ومشتركة، ولا تقتصر على إجراءات الحكومة فقط، لا بل إن قيام المواطن بواجباته الوقائية و بدوره وتحمل مسؤولياته أكثر فائدة وفاعلية في الحد من انتشار كورونا، ويأتي دور الحكومة داعماً لذلك من خلال ما أعلنته من إجراءات واستعدادهم لمتابعة الجهود لضمان الاستثمار الأمثل للموارد المادية والمالية والبشرية في ظل الظروف التي يمر بها البلد بسبب منعكسات الحرب ضد الإرهاب وداعميه وآثار العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على البلد بالإضافة إلى تداعيات انتشار فيروس كورونا، ولعل توضيح الحكومة في إعلانها كان واضحاً بأنها حريصة على استمرار تقديم الخدمات.
حيث يقتصر إيقاف الدوام على الجهات العامة التي لا يؤثر إيقاف العمل لديها في النشاط الاقتصادي الإنتاجي أو في الخدمات المقدمة للمواطنين و تخفيض نسبة دوام العاملين إلى الحدود التي تضمن استمرار الجهة العامة بتقديم الخدمات الأساسية والضرورية لحسن أداء هذه الجهة، وإذا كانت هناك دروس مستفادة يجب أن نستخلصها من أزمة كورونا فهي أولاً وقبل كلّ شيء دروس يجب أن تنطلق من قاعدة الاعتماد على النفس لا سيما إن هذه الأزمة كشفت حقيقة البلدان وقدراتها وترتيب أولوياتها وأيضا علاقة التفاعل مع شعوبها ومدى التجاوب مع قياداتها المحلية، والأمثلة كثيرة بدءاً من كان يعتقد البعض أنها دول عظمى وقوية بكل شيء فتبين ضعفها مروراً بدول كان ترتيبها في آخر السلم وقفز إلى الأعلى في مواجهة هذا الوباء.
وبعيداً عن المقارنات بين قوى كانت تعتبر عظمى وتعمل على تشويه صورة غيرها وبين دول تظهر للمرة الأولى بكل قدراتها وتثبت أنها الأكثر كفاءة في التعامل مع الأزمات الكبيرة، فإن نقطة القوة الكبيرة في منهجية التعامل مع هذه الأزمة تكمن في الدرس الأول الذي يجب الاهتمام به والتركيز عليه لتجاوز الامتحان بنجاح وهو الوقاية بالتوازي مع التجاوب التام مع الإجراءات الحكومية، وقبل ذلك كله أن نبدأ بأنفسنا ومن الأسرة الصغيرة وصولاً إلى الأسرة السورية الكبيرة، ولعل أهمية وفاعلية تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا تكمن بالدرجة الأولى في استمراريتها وأن تصبح ثقافة ملحة وسلوكاً يومياً ولاسيما كل ما يتعلق بأهمية التباعد المكاني وتجنب الأخطار المحتملة التي قد تنجم عن التقارب والازدحام في الأسواق، وللتذكير فإنه منذ اللحظات الأولى كان التأكيد على مسألة جوهرية وهي أن نبدأ من أنفسنا..من بيوتنا وأن نتعامل مع أنفسنا ومع كل من يمكن أن نلتقي به على أنه مصاب أو يحمل الفيروس و أن نتقبل كل ما هو ممنوع على قاعدة الحفاظ على سلامة الجميع.
واليوم علينا أن نستمر وأن نتحمل الإجراءات وخاصة التباعد المكاني لما له من دور مهم في تخفيف الضغوط على أنظمة الرعاية الصحية ويُمكن من رصد المخالطين تسهيل إجراءات الحجر الصحي وأن ننظر إلى التباعد المكاني في ظل هذه الظروف على أنه واجب وطني وأقوى سلاح لمحاربة فيروس كورونا.
ولعل من الأمور التي يجب أن تكون جزءاً من الثقافة المطلوبة أيضاً، إن التعامل مع أزمة كورونا والسلوكيات الواجب اتباعها أمر لا يحدده الشخص على مزاجه وكما يريد ويشتهي وإنما تحدده الجهات الرسمية الصحية وعلى الجميع الالتزام بها.
وتبقى القاعدة العامة التي يجب أن نستند إليها في وقائع حياتنا اليومية وهي أن نستفيد من دروس الآخرين و نتعلم من الذين انتصروا على الوباء ونتجاوز أخطاء الذين استهتروا ولم يلتزموا بالإجراءات الضرورية للوقاية كي نتجاوز خط الدفاع ضد كورونا وصولاً إلى النجاة من الوباء والانتصار عليه.
الكنز – يونس خلف