في كل عام تصدر الولايات المتحدة الأميركية – عبر وزارة خارجيتها – تقريراً عن حالة حقوق الإنسان في العالم، تحدد فيه الدول التي انتهكت على حد زعمها “حقوق الإنسان”، وبالطبع تكون النتيجة دائماً، أن خصوم أميركا وأعداءها في العالم هم من ينتهكون حقوق الإنسان، أما أدواتها وأتباعها وحلفاؤها فهم “ملائكة” باحترام الإنسان وآدميته والحفاظ على حقوقه.
وبالطبع أيضاً فإن تقرير “الخارجية” إياه لا يرى انتهاكات واشنطن لحقوق الإنسان داخل الولايات المتحدة وخارجها، ولا يسلط الضوء عليها، بل يزين اللوحة بمساحيق التجميل وطلاء الكذب، فتبدو صورتها واحة للحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
فلم يرَ تقرير “خارجية واشنطن” هذا العام، مثله مثل تقارير السنوات السابقة، الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الشرطة الأميركية بحق السود، ولم يرَ كيف يعامل المواطنون الأميركيون البيض إخوتهم في المواطنة من الملونين، ولم تستشعر مجساته عبارات الكراهية التي يكتبونها ضدهم على جدران المحلات وواجهاتها، وينتهكون عبرها حقوقهم، مثل “ممنوع دخول الكلاب والسود” وغيرها من العبارات العنصرية.
ولم يرَ تقرير “موظفي بلينكن” قتل الشرطة في بلادهم للآسيويين والأعراق الأخرى لمجرد انتماءاتهم، ولا حتى انتهاك قواتهم الغازية لحقوق الشعب السوري بواسطة الطائرات الأميركية التي تلقي فوق رؤوسهم الصواريخ والقنابل بدل “المساعدات الإنسانية” التي تحشد واشنطن المانحين في بروكسل للمتاجرة بها، ولم يرَ حتى الانتهاكات الواردة في بنود إرهاب “قيصر” والإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تحرم السوريين من أبسط أساسيات الحياة كالغذاء والدواء.
ولا يريد بلينكن ودبلوماسيوه رؤية الإجرام الصهيوني بحق الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم على مدار الساعة، ولا انتهاك قوات بلادهم الغازية لأفغانستان، وكيف تقتل القرويين البسطاء باسم مطاردة طالبان والقاعدة تارةً، وتحت ذرائع الخطأ غير المقصود تارةً أخرى، وكيف تقتل الأبرياء في العراق بحجج ما أنزل الله بها من سلطان، وكيف تكرر الأمر ذاته في عشرات الدول على امتداد المعمورة.
تنظّر أميركا على العالم، فتدعي أنها حاملة رايات “حقوق الإنسان” مع أنه لم ينصبها أحد في العالم للتصدي لهذه المهمة، ومع أنها أكبر منتهكي هذه الحقوق على وجه البسيطة، فلا تجد غير تسويق الأكاذيب المزعومة حول حقوق الإنسان المنتهكة من الصين إلى كوبا، مروراً بكل من يعارض سياساتها الاستعمارية، وتتجاهل وتتناسى سجلها الحافل بتلك الانتهاكات، ومقتل “جورج فلويد” والآسيويين الثمانية على يد شرطتها العنصرية أقرب مثال حدث داخل ولاياتها تواً!.
البقعة الساخنة- بقلم مدير التحرير – أحمد حمادة