افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
استمراراً في التزوير والنفاق والتضليل، واستغراقاً بمسلسل كذبة الكيماوي التي أُريد لها أن تحقق هدفين معاً، تُواصل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التسييس وممارسة الكذب خضوعاً لأمر عمليات أميركي أطلسي، ذلك بإصدارها تقرير ما سمي “فريق التحقيق وتحديد الهوية” لتُعبر هذه المرة ربما عن أتفه حالة مرّت بها منذ إنشائها وليس منذ إنشاء هذا الفريق غير الشرعي غير الميثاقي وغير المُعترف به.
مرات مُتعددة وصل بها العالم إلى مستوى اليقين من أنّ الغرب وأميركا لن تتغير طبيعتهما كنظام رأسمالي مُتوحش يقوم على العدوان والاحتلال والنهب والمصادرة، وعلى الرغم من القناعة اليَقينية التي تَرسخت لديه بهذا الاتجاه كانت أطراف دولية مُؤثرة تحاول طَيّ صفحة مؤلمة هنا وأخرى موجعة هناك على أمل أن تُحقق النجاح بنقل الغرب وأميركا جُزئياً على أقل تقدير إلى مكان آخر “أقل توحشاً”، غير أنّ المُحاولة التي فشلت مرّة بعد مرّة صار من الثابت أنها بلا جدوى، بل ربما تثبتُ عبثيتها هذه المرّة، فالغرب وأميركا لم يُبقيا مَطرحاً لنقطة التقاء!.
في الماضي، قدم الغرب مُنفرداً العديد من الأمثلة التي ستَبقى شاهداً على وحشية ما ارتَكب من جرائم بحق البشرية. وقدّمت أميركا وحدَها من الأمثلة ما يَجعلها تتقدم على شركائها الأوروبيين باستخدامها السلاح الذري وبارتكابها جرائم الإبادة الجماعية. وخاضَ الغرب وأميركا تجاربَ أخرى باتجاهات القتل ومُمارسة الإرهاب والجريمة في أربع جهات الأرض .. هذا صحيحٌ دقيق ثابت جَرى تَوثيقه في سجلات الأمم المتحدة بقوّة الحقيقة وبصعوبة نكرانها، وربما نتيجة عدم تساهل الأطراف الأخرى.
اليوم، مَكمن الخطورة ليس في أنّ أميركا والغرب لم تتغير طبيعتهما ولا تحالفاتهما القائمة على الشر وبالشراكة لارتكاب فظائع جديدة، ومَكمن الخطر ليس بفشل مُحاولات نقل الغرب وأميركا إلى مكان آخر تكون فيه أميركا مُنفردةً أو مُجتمعةً مع الغرب أقل توحشاً. بل إنّ مَكمنَ الخطر الداهم اليوم يَتجسد بالتزوير القائم المُمنهج المَفروض بقوّة البلطجة وبإخضاع الأمم المتحدة وجعلها تكتب وتُوثق كذباً ونفاقاً وخلافاً للواقع والحقيقة.
تقريرُ ما سمي “فريق التحقيق وتحديد الهوية” هو جُملة أكاذيب وفبركات بُنيت زوراً لتحقيق غايات سياسية لا تَخفى، إذا كان استهداف سورية وجيشها وحكومتها أمراً واضحاً كغاية وهدف، فإنّ الغاية الأخرى الأكثر وضوحاً هي التّعمية عن الحقيقة ومُمارسة التضليل وحرف التحقيق عن المسارات الأخرى التي كانت ستَكشف الكذبة التي تَنطوي على جريمة استخدام الكيماوي أولاً، وعلى جريمة نقل هذا السلاح ثانياً.
المساراتُ الحقيقية التي كان يَنبغي للتحقيق أن يَسلكها كانت ستَكشف – إضافة لما تَقَدّم – كل الأطراف والأشخاص والحكومات المُتورطة وذات العلاقة بالمَحطات التي مرّ بها هذا السلاح “نقلاً وتدريباً وتمويلاً واستخداماً” فضلاً عن كشفِ إرادة الشر التي خططت للجريمة، والتي رسمت لمسارات ارتكابها، ثم لمُحاولة التزوير وقلب الحقائق بالاتجاه الآخر لتحصيل أعظم النتائج التي لن تتحقق، ولن نَسمحَ لأميركا والغرب بالإفلات من المُحاسبة والعقاب عليها، فمحطات التلفيق في كذبة الكيماوي معلومة معروفة، وموثقة.
قريباً ربما سيَقع المُتورطون بكذبة الكيماوي وجريمته على خطأ ما يَعتقدون ويَتوهمون، فلا الإنكار سيُجدي، ولا مُحاولة الاستثمار بجريمتهم المُشتركة مع أذرعهم من الدواعش وباقي المُشتقات التكفيرية ستُوفر لهم فرصة الهروب من القصاص ومن مُواجهة النتائج التي لم تَكن ضمن حساباتهم، وليُدقق معسكر العدوان بحساباته لو شاء، وبأين كان وأين أمسى؟!.