يبدو أن البحر الأسود مرشح اليوم ليكون ساحة من ساحات الحرب الباردة وربما المواجهة المباشرة بين الغرب وروسيا، على خلفية التصعيد المفتعل في شرق أوكرانيا، فمنذ العام 2014 وحلف الناتو يتدخل في هذا البلد ويستغل أزمته بخبث ليتوسع في محيط روسيا الحيوي، وقد ساهم، عبر تدخله المستمر وتحريضه على روسيا، في دق إسفين بين كييف وموسكو بعدما قاد “ثورة ملونة” في أوكرانيا مناهضة لروسيا، من ضمن استراتيجية تهدف لتضييق الخناق على روسيا في مجالها الاستراتيجي ومحاولة تقليم أظافرها ومنع عودتها كقطب وازن على الساحة الدولية يستطيع كبح جماح الأحادية الأميركية المتغطرسة.
فالتحركات العدائية الجارية لأساطيل غربية في البحر الأسود وحشد قوات تابعة للناتو على الحدود مع روسيا، والتصريحات النارية التي تصدر من بعض العواصم الغربية، لا تشي برغبة الغرب بفتح حوار مع موسكو لتهدئة التوتر بين الطرفين، وإن تمت الدعوة لذلك من بعض الأطراف، وهذا ما يؤشر إلى مخطط أطلسي لحمل موسكو على تقديم تنازلات في العديد من الملفات والقضايا العالمية.
تزامن هذه التطورات مع قيام واشنطن وعدد من الدول الأوروبية بطرد دبلوماسيين روس بذرائع مختلفة، وتشجيع دول سوفييتية سابقة على الانضمام للناتو – أبرز رموز الحرب الباردة- ومحاولة التصعيد في ملف الحرب على سورية، كل ذلك يعزز التوجه العدائي الغربي تجاه روسيا، بما يساهم في إبقاء التوتر على أشده بينهما.
ما من شك في أن الغرب يغامر كثيراً بالسير في هذا الاتجاه التصعيدي، متناسياً أن روسيا دولة عظمى ولها تحالفاتها القوية ولديها العديد من أوراق القوة لتلعبها، وهو ما يجعل التحركات الغربية أشبه بتلاعب خطر بالخطوط الحمراء المرسومة، وتهديد حقيقي للسلم والأمن الدوليين، الأمر الذي يضع العالم مرة جديدة أمام نذر حرب خطيرة من الصعب تحمل تبعاتها الكارثية، فهل يعيد الناتو حساباته قبل المجازفة بمصير العالم أم يمضي في تهوره إلى آخر الشوط؟!.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود