رغم شراسة الحرب الإرهابية، وما يرافقها من حصار وإرهاب اقتصادي، وضغوط سياسية لم تزل منظومة العدوان والإرهاب تعول عليها لمحاولة إخضاع سورية للمشيئة الغربية، إلا أن ذلك لم يمنع السوريين من مراكمة انتصاراتهم في مواجهة هذه الحرب القذرة، وكلنا يعلم أن هذه الحرب تأخذ منحى تصاعدياً عند كل محطة فشل جديدة تواجه مخططات أميركا وشركائها الداعمين للإرهاب، وهذا ما تشير إليه سياسة التصعيد الأميركي والأوروبي الهادفة للتصويب على الاستحقاق الرئاسي والتشويش عليه.
الإعلان عن موعد الاستحقاق الرئاسي، وفتح باب الترشح للانتخابات، لا شك أنه الرد الحاسم والبليغ على سياسة العداء الغربية، فالالتزام الكامل بالاستحقاقات الدستورية ومواعيدها هو بحد ذاته انتصار آخر مكمل للانتصارات الميدانية على الإرهاب وداعميه، وإجراء هذا الاستحقاق بموعده يعزز صمود السوريين، ويثبتون من خلاله مجددا بأن لا قوة في العالم تستطيع مصادرة قرارهم وخيارهم الحر المستقل، ولاحظنا أن التصويب الغربي على هذا الاستحقاق بدأ مبكراً منذ أن فرض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ما يسمى (قانون قيصر)، وكيف تستكمل إدارة جو بايدن سياسة البلطجة ذاتها، وكيف تسعر الحكومات الأوروبية الإرهاب ذاته، وكل ذلك لتحقيق غايات عدوانية باتت معروفة للجميع، وتلك الضغوط، سواء كانت (عسكرية أم سياسية أو اقتصادية أو نفسية)، فإن هدفها هو الابتزاز السياسي، ولعل حملات التجييش الغربي المتواصلة عبر تسخير المنظمات والهيئات الدولية، وآخرها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومزاعمها الكاذبة، كلها تصب في خانة الاستهداف المتعمد لهذا الاستحقاق الدستوري لمحاولة تعطيله، ولإطالة أمد الحرب العدوانية، ومنع أي حل سياسي ينهي معاناة السوريين جراء الحرب الإرهابية المتواصلة.
طوال سنوات الحرب الإرهابية الماضية، توهمت منظومة العدوان بقيادة الولايات المتحدة أنها قادرة على إخضاع سورية وشعبها، وحتى اليوم لم تزل تراهن على أدواتها الإرهابية، وعلى إجراءاتها الاقتصادية القسرية الخارجة عن كل المعايير الإنسانية والأخلاقية، ولا تريد الاعتراف بفشلها المتراكم، أو الجنوح لتصحيح أخطائها، وإنما تواصل ممارسة نهجها الإرهابي لإنتاج مشهد سياسي أو ميداني يتناغم مع أجنداتها الاستعمارية، وبما يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة، والسوريون يدركون هذه الحقيقة، وقد صمدوا، وقدموا تضحيات جسام، وما زالوا متشبثين بقرارهم السيادي الحر، لعلمهم اليقين بأن ثمن المقاومة هو أقل بكثير من ثمن الاستسلام.
السوريون ينتظرون السادس والعشرين من آيار القادم، ليؤكدوا مرة أخرى لأميركا وأتباعها الأوروبيين والعثمانيين الجدد، بأن كل أسلحتهم الإرهابية والاقتصادية لن تستطيع كسر إرادتهم، فهم يسيرون بخطا ثابتة نحو انجاز استحقاقهم الرئاسي وفق موعده الدستوري، وهذا قرارهم السيادي الحر الذي استمدوه من تضحيات جيشهم الباسل وانتصاراته المتلاحقة على قوى الإرهاب والعدوان، وهم سيكونون أوفياء لدماء الشهداء الذين ضحوا بدمائهم الطاهرة لتبقى سورية عزيزة حرة مستقلة، وسيختارون من يمثل تطلعاتهم، ويكون قادراً على التمسك بالنهج العربي المقاوم بما ينسجم مع تاريخ سورية وعراقتها.
من نبض الحدث- ناصر منذر