اختلف الأدباء في تحديد قائل بيت الشعر: ( لا تنهَ عن خلُقٍ وتأتيَ مثلَه
عارٌ عليك إذا فعلت عظيم )، رغم أن أغلبهم نسبه الى أبي الأسود الدؤلي ولكن هذا الخلاف في تحديد مَن هو القائل لا يلغي أن هذا البيت في معناه يتفق مع الآية الكريمة ” أتأمرون الناس بالبِرِّ وتنسَون أنفسكم ” .
مناسبة الكلام تنطلق من الدعوات الحكومية للقطاع الخاص لتخفيض أسعاره بعد تراجع سعر الصرف ، ولا شك هو مطلب حق مُنطلق من الواقع ، ولكن هناك من يقول من المواطنين والقطاع الخاص: على الجهات العامة أن تكون أسوة حسنة وتبدأ بنفسها ، فالمياه المعبأة تم رفع سعرها مرتين خلال أقل من شهر، والإسمنت تم رفع سعره بفترات متقاربة أكثر من مرة، وعليه ارتفعت أسعار البيوت والإيجارات وكل الإنشاءات، والدخان الوطني كذلك تم رفع سعره وفقاً لتغير سعر الصرف والأمر ينسحب على سعر الخيط والغزول وكثير من منتجات القطاع العام ولكن اليوم مع تحسن سعر صرف الليرة واستعادتها لأكثر من 35 % مما فقدته لم تقم أي من هذه الجهات بتخفيض أسعارها في الوقت الذي تطالب به الحكومة الجميع بتخفيض الأسعار، الجهات العامة التي رفعت أسعارها هي جهات رابحة وتعلن في خطط التتبع عن الأرباح التي حققتها وبالتالي عليها تخفيض الأسعار لكل المنتجات التي رفعت أسعارها بتبرير ارتفاع سعر الصرف، فمنتجاتها حاجة أساسية وبعضها ليس له بديل ومحظور على القطاع الخاص الخوض فيه كالمياه المعبأة التي لا يمكن الاستغناء عنها وليست من الكماليات، وكذلك سعر الخيط الذي على أساسه يُسعر القطاع الخاص ويحدد تكلفة الإنتاج وبالتالي مادام سعر الخيط مرتفعاً فستبقى أسعار الألبسة مرتفعة، والدخان الوطني كذلك فليس من المنطق أن يتم تخفيض أسعار الدخان المستورد بنسبة كبيرة ويبقى الدخان الوطني بسعر مرتفع وبالتالي عدم تسويقه وهو مُنتج وطني، أي نضرب المُنتج الوطني لصالح المستورد .
السيد الرئيس طالب الحكومة بالشفافية مع المواطن، وبناء عليه يجب عليها أن توضح كيف تطالب القطاع الخاص بتخفيض أسعاره وتبقي هي أسعار جهاتها العامة مرتفعة رغم أن مبرر رفع الأسعار للقطاعين العام والخاص هو ارتفاع سعر الصرف، رفع أسعار القطاع العام كان له انعكاس أكبر بكثير من رفع أسعار القطاع الخاص لأن منتجات القطاع العام أساسية أو على أساسها يقيس السوق، فالإسمنت ضاعف أسعار البيوت وإيجاراتها، وسعر الخيط رفع كل أسعار المنتجات النسيجية والملابس، ومياه الشرب المعبأة تباع بسعر خيالي قياساً بدخل المواطن .
على الملأ- بقلم مدير التحرير- معد عيسى