كثيرون هم العابرون، كانوا في محطات التاريخ التي نقرأ عنها، وصاروا أثراً بعد عين، تروى قصص خذلانهم وجبنهم وخيانتهم، وذلهم وهوانهم، حين يكونون في صف، بل ذيل قائمة من يعتدي على أوطانهم، هؤلاء ليسوا عابرين فقط، بل هم سقط سقط المتاع .
ولسنا بصدد الحديث عنهم، بل عن مشغليهم، وعن الدول اللقيطة التي يظن بغاثها أنهم صاروا شواهين، الانتهازية السياسية والعسكرية، بل واللحظية هي ديدنهم، تحت جنح الظلام وفي أحط درجات الاستغلال ينقضون على ما يظنون أنه قد صار هدفاً سهلاً طيعاً ليناً، يغري بالاندفاع نحوه ليبدو المغير وكأنه بطل .
هذه حال مررنا بها، عشناها، نعرفها بكل تفاصيلها، نعرف كيف تظهر الجرذان، ومتى، قد تبدو سمينة، ولكن هل ستبقى تصول في الملعب ؟ وهل تعرف أن القوة الكامنة التي اختزنها السوريون ويراكمون كل يوم المزيد منها، هي في محصلة النتائج تقلب الموازين، وتعيد رسم خريطة العالم كله.
ليس من باب الإنشاء، ولا البلاغة اللفظية، بلاغة السوريين هي الفعل على الأرض، حزمهم أبكم لايرفع الصوت صراخاً وضجيجاً، بل ما ترسمه وقع أقدام أبطالهم، وفي الميادين كافة هي البلاغة، من جندي هوى من أجل ترابه فارتقى، إلى أم تزغرد في وداع شهيدها، إلى فلاح وعامل وطبيب ومهندس، وإلى كل سوري.
اليوم يكتب السوريون سفر النصر النهائي، يعرفون أن ربع الساعة الأخيرة قد تكون الأكثر قسوة وصعوبة، وربما تتفتق أساليب العدو عما لايخطر ببال أحد، لكنهم يدركون _السوريون _ أن هذا يعني بالمحصلة حصاد الصبر الاستراتيجي، حصاد القدرة على البذل والتضحية، والرسائل التي يجب أن يقرأها العدو واضحة جلية، لا لبس فيها ولا غموض، صناعة النصر هوية سورية، وبلاغته الإنجاز لا الضجيج الإعلامي.
من نبض الحدث- بقلم أمين التحرير- ديب علي حسن