الثورة أون لاين – غصون سليمان:
في ذروة الاحتفال العالمي بالأول من أيار وذروة الانتصار السوري على الإرهاب وداعميه، يقف عمال الوطن في المقدمة إلى جانب جيشنا العربي السوري يكملون مسيرة الإصلاح والتجدد والإنجاز، ويعيدون إلى هدير الحياة صخبها فوق الأرض وباطنها، يحرسونها بسواعدهم وعرقهم ودمائهم، غير آبهين لحقد الطغاة والإرهابيين وما فعلوه من تدمير وخراب.
عمال سورية الأوفياء بنقاباتهم واتحاداتهم ولجانهم النقابية على امتداد الجغرافية السورية، هم كخلية النحل كانوا وما زالوا يعطون ويمنحون الصبر والدواء لكل داء وما الدواء هنا إلا التفاني والإخلاص في إنجاز المهام الموكلة إلى كل عامل وقطاع، سواء في الصحة، والنفط، والكهرباء ،والزراعة، والصناعة، والبناء، والخدمات، والنقل، والطباعة والإعلام، وغيرها الكثير من جزئيات العمل النقابي في القطاعين العام والخاص والمشترك بل في كل مناحي الحياة وأركانها، بعدما خلفت الحرب العدوانية على بلدنا ويلاتها التي لا تعد ولا تحصى بغية تدمير معالم وحضارة الشعب السوري ومقدراته.
لقد كان للطبقة العاملة السورية عبر تاريخها الطويل، حضورها المميز في الميزان الوطني فكانت باكورة نضالها حين صدر قانون العمل رقم ٢٧٩ والذي أقر عام ١٩٤٦، حيث كان لتأسيس حزب البعث في السابع من نيسان عام ١٩٤٧ دور بارز في تصعيد نضال الطبقة العاملة وتعزيز مواقعها في تصليب الموقف الوطني والقومي لسورية، وتأمين الحقوق المهنية والمطلبية للطبقة العاملة، إذ استطاع العمال بفضل كفاحهم ونضالهم وقت ذاك مع باقي فئات الشعب أن يمهدوا لقيام ثورة الثامن من آذار عام ١٩٦٣.
وانطلاقاً من جملة القوانين والمراسيم التي صدرت منذ التأسيس ولغاية اليوم جعل العبء الأكبر يقع على عاتق الحركة النقابية العمالية في بناء القاعدة المادية لعملية التحويل والتطوير والتقدم، وزيادة الإنتاج كماً ونوعاً، وحماية منجزات الشعب السوري ومكتسباته من خلال دعم القطاع العام والاعتماد على الذات عبر مؤتمرات الإبداع الوطنية، وتلك كانت من أبرز مبادرات الاتحاد العام لنقابات العمال على طريق ممارسة دوره الطليعي بغية تقويم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتحديد الصعوبات، ومكامن الضعف والخلل التي تعاني منها الحالة الاقتصادية.
لقد ركز الاتحاد العام لنقابات العمال على الكثير من القضايا التي تهم هذه الشريحة الواسعة من أبناء المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر عمل على تحسين الخدمات الصحية والتأمينية التي تقدمها مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والتوسع في إنشاء دور الراحة والاستجمام العمالية لتغطية حاجات العاملين، إلى جانب الاهتمام بدور الحضانة لأبناء العاملات والعمال، وزيادة مخصصات بنائها في موازنة الجهات العامة حسب الحاجة.
أيضاً كان واضحاً في مسيرة العمل النقابي تطوير عمل المشافي والعيادات والصيدليات العمالية وتأمين الأطر الفنية والعلمية، مع التركيز على بنية العمل وتوفير شروط الصحة والسلامة فيها، ما دفع الاتحاد إلى إيجاد صندوق مركزي لديه لمساعدة العاملين والنقابيين في حالات الوفاة والمعالجة والكوارث، حيث يتم تمويله من قبل كل النقابات،
ولا ننسى في هذا المضمار أهمية تأمين السكن الصحي والملائم للعاملين وبشروط تسهيلية وميسرة تتلاءم مع دخولهم فكانت مدينة عدرا العمالية التي حاول الإرهابيون اختطافها من أحضان ساكنيها، ناهيك عما تحقق في مجال التعاون الاستهلاكي والمخازن والمجمعات الاستهلاكية.
ما تقدم هو غيض من فيض وبالتالي يصعب على أي متابع أن يحصي ما تحقق للطبقة العاملة السورية، كغيرها من النقابات والاتحادات والمنظمات الشعبية والمؤسسات الأخرى، من دعائم ومكاسب وإنجزات حاضرة وشامخة في كل معلم وبناء، في كل جسر وطريق، وحديقة ومعمل، ومشفى ومراكز صحية، ومدرسة وجامعة ومؤسسة.
آلاف مؤلفة من المنشآت الحيوية والعمرانية التي عمل على تقويضها محور الشر الداعم لأدوات الحرب العدوانية على سورية من دول وحكومات وعصابات إرهابية مجرمة، ما جعلهم ينتقمون بسلوكهم وقلوبهم الحاقدة المريضة من تلك الصروح العملاقة في دولة المؤسسات، فسورية كانت وما زالت وستبقى ترعبهم وتقلقهم لطالما العدو الأول هو الكيان الاسرائيلي الغاصب للأرض وحقوق الشعب الفلسطيني، هذا العدو الذي أظهر دعمه المباشر للمرتزقة من السلاح إلى الطعام والشراب والمشافي الميدانية والإيواء.
ورغم كل ذلك لم يستطع محور الشر بكل تعبئته الإعلامية التضليلية وحرب الشائعات المعنونة على مدار الساعة، والدعم اللوجستي المستمر دون انقطاع، أن يكسر شوكة السوريين، أو يؤثر على إرادتهم وهمتهم وعزيمتهم، جيشاً وشعباً وعمالاً وقائداً، أو يغير سلوكهم الإنساني والوطني، فالقضية هي قضية وجود، قضية حياة أو موت، حيث اختار السوريون معركة الحياة التي يخوضونها منذ عقد من الزمن جربوا فيها كل أصناف التحدي، وانتصروا فيها بكل أشرعة المواجهة على جميع المستويات رغم حجم التضحيات الكبيرة
هنيئاً لسورية عمالها الأوفياء في عيدهم، الذين ضحوا بأرواحم في معارك الإنتاج على امتداد ساحة الوطن، في الحقول المترامية، وعلى أعمدة الكهرباء، وخطوط النفط، وسيارات الإسعاف، والنقل العامة فكان الشهداء بالمئات والجرحى بالآلاف، ناهيك عن المخطوفين والمهجرين والمشردين بفعل الفورة المشؤومة والحرب البغيضة.
موعدنا يتجدد بالأمل والعمل رغم الألم.
ففي قانون العاملين الموحد نتصف جميعاً بعبارة “العاملون في الدولة”.
تصوير : نبيل نجم