رفض الشعب السوري القاطع لمبدأ الارتهان والخضوع للمشاريع الغربية، إضافة لموقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية وتمسكه بالخيار المقاوم لردع المحتل الصهيوني وتحرير الأراضي المغتصبة، أحد أبرز أسباب الحرب الإرهابية التي يتصدى لها اليوم، وهذه حقيقة أثبتتها مجريات الحرب الإرهابية، وللمشككين في ذلك، أن يستمعوا لاعتراف رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق إيهود أولمرت بأنه لو عقدت الحكومة السورية “صفقة” مع كيانه عام 2008 لما حصلت الحرب ضدها، واقتبس أولمرت خلال حديث إعلامي أدلى به قبل يومين قولاً للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن بأن “على دمشق أن تعرف أن الطريق إلى واشنطن تمر من القدس”، وهذا يعطي مدلولاً إضافياً لماهية وأبعاد الحرب الإرهابية التي تشنها الولايات المتحدة عبر أدواتها الإقليمية، ومرتزقتها من التنظيمات الوهابية والتكفيرية.
سبق لأولمرت أن أدلى بهذا الاعتراف قبل نحو عام، وأعاد التذكير به اليوم، ما يؤكد مجدداً أن هدف منظومة العدوان من وراء حربها القذرة على الشعب السوري، هو تكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وللأراضي العربية، وتمكين الكيان الغاصب من التمدد والتوسع لاحقاً في طول المنطقة وعرضها، والقرار المشؤوم للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الاعتراف بما سماه “سيادة إسرائيل” على الجولان المحتل إثبات جديد لهذا الأمر، أما سلسلة الأكاذيب التي روجتها منظومة العدوان في بداية الحرب الإرهابية، حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وما شابه، فسرعان ما تكشفت على الملأ، حتى إن الإعلام الغربي نفسه بدأ يفند تلك الأكاذيب، ويدرك أن الحكومات الأوروبية انخرطت في هذه الحرب بناء على ما تقتضيه المصلحة الأميركية والصهيونية، لأن تلك الحكومات تابعة ومرتهنة للسياسة الأميركية.
مجمل التطورات الحاصلة على صعيد المنطقة برمتها، وكل مجريات الحرب الإرهابية وفصولها، تثبت باليقين القاطع أن مواصلة الحرب الإرهابية على سورية وشعبها، سببه مركزية الدور السوري الفاعل والمؤثر في المنطقة، ومحور المقاومة بشكل خاص، وهنا فإن الربط بين (جرائم ” داعش والنصرة وقسد “، والاحتلال التركي وانتهاكات نظام أردوغان، والاحتلال الأميركي وما يسمى “قانون قيصر”، والاعتداءات الصهيونية المتكررة، وتسييس عمل المنظمات الدولية) أمر في غاية الأهمية لتوضيح ماهية الحرب، فكل ذلك أجزاء من المخطط والمشروع الصهيو-أميركي الهادف لإضعاف سورية، واستنزاف قدراتها، وسلبها قرارها السيادي الحر، وكلنا نلاحظ كيف تستكمل منظومة العدوان حربها الشرسة بالتصويب على الانتخابات الرئاسية، للتشويش عليها، أو محاولة تعطيلها.
وبالعودة إلى اعتراف أولمرت، واقتباسه من كلام بوش الابن، فلا بد من القول: إن دمشق لم تخطب يوماً ود الولايات المتحدة، ولكنها لا ترفض الحوار معها، وإنما على قاعدة احترام السيادة، واليوم لا يمكن التحدث مع واشنطن قبل انسحاب قواتها الغازية من الأراضي التي تحتلها في منطقتي التنف والجزيرة، وإصرار إدارة بايدن على المضي قدماً في سياسة دعم الإرهاب والاحتلال، ومواصلة سرقة ثروات السوريين النفطية ومحاصيلهم الزراعية، ومواصلة استغلال المنظمات الأممية لخدمة أجنداتها العدوانية، يشير إلى حجم المخطط الإجرامي الذي وضعته الولايات المتحدة لمحاولة إخضاع سورية وشعبها، ولكن هذه الإدارة سرعان ما ستدرك كما سابقاتها، حقيقة أن سورية لا تتنازل ولا تفرط بحقوقها ومبادئها، وهي كانت وستبقى حرة سيدة، ترفض الخضوع والاستسلام ولا تقبل الوصاية من أحد.
البقعة الساخنة – ناصر منذر