الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
كرّر السوريون في الخارج، وخاصة في لبنان، مشهد الإقبال الحاشد على التصويت في الانتخابات الرئاسية عام 2014 بمشهد مماثل بالأمس مؤكدين للعالم أجمع عمق انتمائهم لوطنهم واحترامهم لكل استحقاقاته ومواعيده الدستورية، ومتانة الروابط التي تجمعهم بشعبهم ودولتهم وأرضهم، غير أن الفارق الوحيد بين المشهدين هو ذلك السلوك الهمجي الذي سلكه بعض عملاء المشروع الصهيو أميركي في لبنان وبعض الدول المتآمرة على الشعب السوري ودولته، حيث اختزل مشهد الاعتداء على الحافلات التي تقل الناخبين السوريين المتوافدين إلى سفارتهم في بيروت وقيام كل من تركيا وألمانيا بمنع مشاركة السوريين على أراضيهما بهذا الاستحقاق حجم الانزعاج والغضب من وحدة ووطنية السوريين المغتربين وتعلقهم ببلدهم، فبادروا إلى محاولة منعهم من المشاركة بهذا الاستحقاق الذي يعني لهم الكثير، فما الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي قدمها مشهد الأمس وإلام يشير..؟!.
ما من شك أن مشهد الأمس في لبنان “مشهد الإقبال الواسع على الانتخابات الرئاسية” وفي غيره من دول العالم، قد فنّد كل التضليل الإعلامي على مدى عشر سنوات بخصوص ما يجري في سورية من أحداث وتطورات، وأسقط كل الروايات المختلقة والمفبركة بشأن النزوح أو اللجوء السوري إلى الخارج، فخلال العشر سنوات الماضية تم تصوير الحرب الإرهابية العالمية على سورية وكأنها حرب أهلية بين السوريين أو صراع بين الدولة السورية وبين شعبها، وأن الذين نزحوا للخارج إنما نزحوا لأسباب تتعلق بهذه الحرب أو هذا الصراع، لكن حرص السوريين في الخارج بالأمس على المشاركة بالاستحقاق الرئاسي قد دحض كل هذه المزاعم وأكد بالدليل القاطع أن سبب النزوح واللجوء مختلف تماماً عن ذلك الذي يتم الترويج له، فالنزوح أو اللجوء بدأ مع بدء نشاط الجماعات الإرهابية التكفيرية التي دعمتها واستقدمتها وسلحتها الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية والدول الإقليمية، وهو ما يؤكد أن منظومة العدوان قد خططت لتهجير السوريين من مدنهم وقراهم، ودعمت الإرهابيين لتدميرها كيلا يعودوا إليها، وكي يبقى هذا الملف أي ملف المهجرين ورقة ضغط مرفوعة في وجه الدولة السورية من أجل ابتزازها بهدف تحقيق مكاسب سياسية لم تتحقق من خلال الإرهاب والعدوان، الأمر الذي يفضح كل محاولاتهم اليائسة لتحميل الدولة السورية مسؤولية التهجير والنزوح واللجوء، ولعل الجميع يعلم أن معظم من اضطروا لترك بيوتهم ومدنهم وقراهم في سورية قد لجؤوا إلى حضن الوطن الذي أمّن لهم كل ما يحتاجونه للبقاء فيه، فيما اضطر أبناء البلدات والقرى الحدودية للخروج إلى الدول المجاورة بسبب الإرهاب وصعوبة النزوح الداخلي.
وكما يبدو أن منظومة العدوان تدرك هذه الحقيقة جيداً وتخشى افتضاحها، لأنها متورطة فعلياً في ملفات الحرب والتهجير ودعم الإرهاب، وهو ما دفع ببعضها لمنع السوريين على أراضيها من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، لأن مجرد مشاركة السوريين في هذا الاستحقاق تُقرأ على أنها دعم للدولة السورية وإيمان راسخ بشرعية الانتخابات الرئاسية، وهذا ما لا يريدون الاعتراف به، لأنه يشكل فشلاً ذريعاً لكل مخططاتهم ومؤامراتهم الدنيئة.
لم يعد سراً أن وجود الكثير من السوريين في الخارج هو نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها سورية هذه الأيام والتي ساهمت بها العقوبات الاقتصادية والحصار الخانق، فلو تحركت عجلة الاقتصاد وتم البدء بإعادة إعمار ما دمره الإرهاب وعادت الثروات السورية المنهوبة إلى الدولة السورية، لعاد معظم السوريين إلى أرض الوطن، لأن قلوبهم وأفئدتهم متعلقة به ولا يقبلون بديلاً عنه، وهذا ما يدفع بالولايات المتحدة وبعض الدول الغربية التابعة لها إلى تشديد إجراءات الحصار الظالمة وغير الشرعية على السوريين في الداخل، لكي تعطل وتعرقل إعادة الإعمار وبالتالي تحول دون عودة المهجرين إليها.
في مطلق الأحوال قال أبناء سورية في الخارج كلمتهم بالأمس عبر مشهد انتخابي رائع، ووجهوا رسائلهم باتجاهات مختلفة، وعلى دول العدوان قراءتها جيداً، فسورية ستتعافى وتعود أقوى وأفضل مما كانت عليه بفضل إرادة السوريين ومحبتهم لوطنهم.