الإحصاء علم وعالم واسع وكبير يدخل في شتى المجالات ويمكن الاستفادة منه في أدق التفاصيل وأصغرها، فهو يهتم بجمع وتلخيص الأرقام ضمن بيانات تسهل مهمة الوصول إلى استنتاجات علمية موضوعية توصف الواقع وتحدد السلبيات والايجابيات، ويلعب دوراً مهماً في رسم السياسات وتحديد مختلف الأبعاد وخاصة على صعيد السياسات المستقبلية.
لكن ماذا عن الإحصاء في سورية، وهل استطاع أن يأخذ دوراً فاعلاً في مختلف مؤسسات ودوائر العمل؟ مع العلم أن هنالك مديريات ودوائر إحصاء في كل المؤسسات الحكومية وفي مختلف مجالات العمل.. إلى جانب وجود المكتب المركزي للإحصاء، والذي يتبع له عدة فروع في المحافظات.
وما يلفت أن هناك مركزاً أو معهداً للتدريب الإحصائي يعمل على تدريب العاملين في مختلف المؤسسات وتخريجهم من خلال دورات تدريبية عالية المستوى للقيام بالعمل الإحصائي في مؤسساتهم بالشكل المناسب ولتسهيل آلية العمل ووضع الخطط، لكن مع بداية الحرب العدوانية على سورية تراجع دور هذه المراكز وخاصة على الصعيد التدريبي، علماً أنها كانت تسير بخطى متطورة، وأحدثت عدة مراكز في المحافظات للغاية التدريبية وللتخفيف من أعباء السفر.
واليوم وسورية مقبلة على أعتاب مرحلة جديدة من العمل مليئة بالأمل بالمستقبل الأفضل.. لا شك أن هناك حاجة ضرورية لتفعيل دور المراكز الإحصائية فيها، وبالتالي انعكاس دورها على العمل في مختلف المؤسسات، وهذا الأمر دون شك يحتاج لإعادة إحياء العمل الإحصائي لأن كم المعلومات والبيانات والإحصاءات التي يقدمها هذا المجال على قدر كبير من الأهمية في تطوير العمل، وفي معرفة الحاجات المختلفة وكذلك في تحديد نقاط الخلل ونقاط الضعف والقوة.
أهمية الرقم الإحصائي تتطلب خطوات حقيقية لتطوير العمل الإحصائي في سورية وعودة المراكز التدريبية والتوجه نحو الأولويات الاجتماعية والاقتصادية، وأهمية أن تبنى البيانات على أسس موضوعية وأن يطبق الإحصاء بمكانه الصحيح، وهذا كفيل بوضع خطط عملية ومستقبلية قابلة للتنفيذ ورسم سياسات متينة يكون لها وقعها على أرض الواقع في تطوير مجالات العمل الزراعي والصناعي والتجاري ناهيك عن الأثر المهم في توصيف الحالة الاجتماعية والمعيشية.
الكنز – رولا عيسى