الثورة أون لاين – أيمن الحرفي:
الصداقة هي العلاقة التي تنشأ بين شخصين أو أكثر و تسودها المحبة و المودة و النصيحة و يتشارك الصديقان من خلالها أعباء و مشاكل كل منهما ضمن علاقة قائمة على الوجدانية و الاستمرار والتجرد من المنفعة.
الصداقة أحد أعذب ينابيع الاستمتاع بالحياة و جعلها وردية كما أنها معزوفة من الألحان الإيجابية في حياة الأولاد ومن أهم العلاقات الإنسانية لما لصداها من تأثير في مجالات الحياة المختلفة النفسية و الصحية و الأدبية و الفنية فهي تساعد في تطور العلاقات الاجتماعية وتحمي الصحة النفسية للفرد، وتمنع الوحدة و الانطواء وتؤسس لعلاقات وحياة سليمة تساهم في بناء و بلورة شخصية الإنسان نحو الأفضل.
يقول أحد العارفين إن الصداقة ليست متممة للتربية بل أساسية و مهمة في تكوين شخصية متماسكة سليمة تامة الأركان. و ينصح ابن سينا في تربية الصغير ان يكون معه ( صبية حسنة ادابهم ،مرضية عاداتهم، لأن الصبي عن الصبي ألقن و هو عنه آخذ و به آنس) فالطفل يتفاعل مع محيطه في المجتمع أخذا وعطاء، يكتسب منهم المهارات و العادات و الطباع و الخبرات وتصقل شخصيته هذه التجارب من اتفاق و اختلاف و تحاور و تنافر، و لاننجح كآباء في التربية، إلاٌ إذا تحلينا بالوعي والإدراك والاهتمام من قبل الأهل، ونضع نصب أعيننا أن هناك من يشاركنا في عملية التربية ألا و هم الأصدقاء.
و تبدو خطورة هذا الشريك في ان ابناءنا يمضون وقتا طويلا معهم داخل و خارج المدرسة و في الحي أيضا، و لذلك فهم يتأثرون بسلوكهم و عاداتهم.
و ينصح علماء النفس و الاجتماع إلى ضرورة حسن اختيار الأصدقاء ما أمكن، ولا يتحقق ذلك إلاٌ عندما يكون التأسيس الصحيح للتربية منذ الصغر و يكون عندها دور الآباء في النصح باختيار الأصدقاء ذوي الأخلاق الحسنة و السلوك المتزن.
والطفل عندما يكون اختياره صحيحا منذ صغره يتابع ذلك باقي مراحل عمره ،
و التدخل في اختيار الأصدقاء في مرحلة المراهقة يكون بشكل غير مباشر،كأن يناقش الأب مع ابنه قضايا الأخلاق والعلاقات الاجتماعية مناقشة موضوعية، فيتحدث عن الصفات المفروض تواجدها في الأصدقاء معطيا للمراهق فرصة التحدث بحرية عن الصفات المثلى للصديق .
إن تجارب الطفولة تساهم في تكوين وصياغة شخصية الطفل الإنسانية وبلورتها فيما بعد . فالطفل عندما يمارس اللعب مع اصدقائه فيلعب معهم ويتنافس و يتسابق و يحتك و يناقشهم و يتحداهم كل تلك الأمور تكسبه تجربة غنية تساهم في رسم و تكوين شخصيته.
يتساءل سمير و هو موظف وأب لثلاثة أطفال كيف يمكن مراقبة أطفالي و اختيارهم للأصدقاء، يجيب الاختصاصي الاجتماعي و التربوي عبد العزيز الخضراء: ( من واجب الآباء متابعة و مراقبة ابنائهم و معرفة طبيعتهم و سلوكهم و اهتمامهم .والمراقبة لا تعني التجسس بل المراقبة و المتابعة غير المباشرة التي تقوم على ملاحظة التغيرات التي قد تطرأ على سلوك وتصرفات الابن و توفير الاستقرار العاطفي و النفسي و المادي. كل ذلك يدفع بأطفالنا إلى اختيار الأفضل من الأصدقاء والعكس صحيح فكثرة المشاكل في الأسرة ستدفع بالطفل للهروب خارجا إلى رفاق السوء الذين ينتظرون خارجا اي فرصة للنيل من ابنك و لابد من عقد جلسات حوار بين الأهل، حوار بين الأخ و أخيه الصادق المعين في حال الأزمات. الاخ الناصح الدال على السلوك الصحيح الرافض للخطأ . و ما أحلى ان يكون الأب هو الصديق الأول للابن و الأم هي الصديقة الأولى فيكونان بذلك المعيار و المقياس في اختيار الأصدقاء..
ففي محيط ابنك هناك الصديق الرائع و المخلص و الناجح الذي يدفع لابنك نحو النجاح و الإبداع و هناك الصديق الماكر الفاشل صاحب المصلحة و هو الهدام المعطل و المدمر لكل نجاح و صدق من قال ( قل لي من تصادق اقل لك من أنت).