في الوقت الذي لم تستطع فيه “حرارة ” اجتماعات جنيف، كسر جبال الجليد المتراكمة بين موسكو وواشنطن، أجهضت الأخيرة خلاصة ما اتفقت عليه مع روسيا حتى قبل أن يولد، وهو التعاون من أجل الحفظ على “الاستقرار الاستراتيجي”، ولأن الاستقرار في سورية هو جزء، بل أساس لـ “الاستقرار الاستراتيجي” في المنطقة والعالم، فقد سارعت الولايات المتحدة إلى قتله في المهد من خلال مواصلتها تدعيم إرهابييها وقواعدها العسكرية غير الشرعية على الأراضي السورية التي تحتلها، ومن أجل أن تعطي بُعداً آخر لالتزامها حماية “الاستقرار الاستراتيجي”، أعلنت عن تعزيزها لحضورها العسكري في بحر الصين الجنوبي كجزء وامتداد لسياساتها العدائية والاستفزازية لبكين، فهل هكذا تكون بداية مرحلة جديدة يسودها “الاستقرار الاستراتيجي”، أم هي بالنسبة لأميركا بداية النهاية للعالم!؟.
كل التوقعات والأضواء التي سبقت لقاء بوتين بايدن، لم تستطع أن تضفي قدراً كافياً من التفاؤل المطلوب، حتى التصريحات الصحفية التي جاءت على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد القمة، بدت أكثر حذراً من أي وقت مضى، وكأنها تسافر في عمق المستقبل لتستقرأ وتسبر القادم من الأيام، والتي يبدو فيها أن التصعيد والتهرب والخداع الأميركي سيبقى هو العنوان الثابت للإدارة الأميركية الحالية كما كل الإدارات السابقة.
تبدو مرحلة ما قبل جنيف كما قبلها!، لا سيما في ظل هذا الهروب الأميركي المتدحرج من مواجهة المتغيرات والتحولات الجارفة التي عصفت بكل القواعد والطموحات والمشاريع الأمريكية، وكأنه يجثم على المستحيل، لجهة عدم قيام الإدارة الأمريكية بخطوات جدية لإحلال الأمن والسلم في المنطقة والعالم، لأن الطرق إلى تحقيق ذلك واضحة ومعبدة بكل المساعي الجادة ومن كل الأطراف، فتحقيق الأمن والسلم والاستقرار الدولي، لا يكون عبر دعم الإرهاب والتصعيد ونشر الفوضى وتعزيز الوجود العسكري خارج حدود الولايات المتحدة وفي الأماكن والمناطق التي تمس بأمن وسيادة وحقوق الدول والشعوب.
نبض الحدث – فؤاد الوادي